عدنان سمير دهيرب/ نقلا عن جريدة الزمان الدولية
الوعي والادراك في معرفة الذات والمحيط ، مقدمات لتوظيفها في المراقبة والتأمل والمساءلة . بفضل وسائل الاعلام والتواصل وروافد الثقافة ، التي وفرت فرص أكبر وأوسع من المعارف والمعلومات لاغناء العقول في تعاملها مع الحياة ، التي تضج بالأحداث والاخبار اليومية في شتى القضايا التي تلبي فضول وإشباع حاجات الجمهور ، مما يؤدي الى المراقبة والتأثير والتوجيه إزاء الوقائع التي تحيط بالمتلقي وسبل التعامل معها . فالوعي المتحقق يفضي الى المساءلة والنقد بهدف اصلاح وتغيير الواقع بما يلتقي مع التطلعات التي يتشوف اليها . لذلك فأن الحراك الجماهيري الذي ينطلق بين الحين والآخر ، ليس ضد النظام الديمقراطي الذي تأسس بعد عقود من الاستبداد والقمع والمقابر الجماعية ، وإنما ضد الاستخدام السيء للسلطة لتحقيق مبادئ النظام الجديد في الحرية والعدالة والمواطنة . وعدم معالجة الامراض الاجتماعية وسيادة واقع ملوث بالفساد المالي والانقسام الطائفي والعرقي . والاستخدام السلبي لوسائل الاعلام والتواصل لتسطيح الوعي والتلاعب بالعقول بالتضليل والالهاء والمخاتلة وإصدار القوانين التي لا تنسجم مع مبادئ النظام الجديد ، فضلاً عن عدم الإفادة والمحاكاة من تجارب الشعوب التي تراكمت خلال قرون دون الغاء للثقافات والهويات التي تنماز بها تلك المجتمعات او اتباع قاعدة مفادها ( بأن كل انسان حر في عقائده الخاصة ، وأن السلوك العام وحده هو ما يهم المجتمع ) . فهو نظام يسعى لخلق مجتمع تسوده قيم حديثة غذتها عقول عبقرية ، وسفحت دماء وناضلت شعوب لتحقيقها ، وليس إستحواذ قلة متنفذة على السلطة لغايات شخصية وحزبية . ما يفضي الى تراكم الغضب الجماهيري ، وخلق بؤر للتوتر مع سلطات ما برحت تتغافل حاجات وتطلعات الجمهور . إن إستثمار العقول بالوعي والمعرفة والنقد الإيجابي تشكل خطوات أولى للتغيير ، سواء كان ذلك فردياً او جماعياً بأثارة التساؤلات والنقاش العلني الوجاهي والافتراضي ، حول القضايا التي تمس حياة الناس .
فالمعرفة والحقيقة لا تحتكر في فرد او جماعة ، إزاء فضاء غارق بالمعلومات والأفكار . فهي تحتاج الى انسان يراقب ، يلاحظ ويقرأ ما يحصل دون الركون الى الرتابة والخضوع . وأن يمتلك الرغبة والجرأة . إذ أن دينامية التحدي بين صيرورة الوعي المتحقق من عملية التحول ، إزاء قوى تقليدي وسياسية ترفض وتتجنب تهديد سلطتها وهيمنتها وافكارها واتجاهاتها ، تتوجب الصراع والتنافس القائم على الإرادة والوعي للخلاص من الهزائم المتراكمة الصامتة والصارخة ، فهي تشكل حوافز للنهوض والتقدم من دون التخلي عن قيم وهوية المجتمع . واليقين أن هذا التحول يتطلب زمناً يتجاوز ما مضى . وتعليماً ومثابرة ووعي قائم على التفكير النقدي والحرية المسؤولة في تجاوز آثار الماضي الذي ما برح يتسلل للكلام والسلوك دون الايمان بالتسامح لتحقيق الاندماج والمواطنة.
تعليقات
إرسال تعليق