القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

عدنان سمير دهيرب/ نقلاً عن جريدة الزمان الدولية




تشكل الدساتير وأفكار الفلاسفة والكتاب وما تنشره الصحافة ، وايديولوجيا التنظيمات والحركات السياسية وبرامج منظمات المجتمع المدني وتضحيات المحرومين والطبقة الوسطى وقبلها تعاليم الديانات السماوية والوضعية .

والاعمق تجسيداً الدماء التي سفحت في كل زمان و مكان على مدى قرون من الزمن . عناوين لمحتوى ما برح غاية الانسان من أجل قضايا هي (الحرية والمساواة والاخوة) مفردات أختصرها شعار الثورة الفرنسية قبل أكثر من قرنين ، ولم تزل هدفاً لنضال الانسان ضد الانظمة الدكتاتورية والاستبدادية بكل مسمياتها وأشكالها و إختلاف عقائدها و تشابه سياساتها التي تستبيح المحرمات . إذ إنها تشكل عملية صراع أزلي بين شهوة السلطة للعنف لقمع الانسان وتطلعاته الى التحرر ، صراع يتجدد أبداً لتحطيم الاسوار التي تصنعها القوى السياسية عند إستلامها للسلطة و إطلاق تبريرات شتى للتغطية على الفظاعات التي ترتكب وآثارها المؤلمة بخلاف صياغتها لديباجة وبنود الدستور .

مستقبل افضل

فقد وقعت خلال مائه عام و نيفٍ تحولات سياسية ضمن الموجات الثلاث نحو الديمقراطية في دول العالم بقاراته المختلفة ، كنظام سياسي يلامس أحلام الشعوب والتشوف نحو مسقبل أفضل وحياة أجود.

والثابت أن هذا النظام يقوم على مرتكزات و قيم أبرزها الحرية والعدالة الاجتماعية فضلاً عن المواطنة والتعددية ونحو ذلك ، وتتوازن الحرية والعدالة لتأمين الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، التي يتوجب تكاملها بسبب حاجات الانسان المترابطة وأثرها المباشر على حياته ، ومدى إنعكاسها على دينامية السلم الأهلي وأستقرار الدولة . تلك القيم ترتقي بتراكم الوعي و العمل والانجاز .

والعدالة كما تشير الاتفاقيات الدولية و النصوص السماوية والانسانية ، تتجسد في إطار الديمقراطية ، بتكافؤ الفرص ، وإقامة نظام إقتصادي يهدف الى رفع مستوى المعيشة لدى مختلف المواطنين و الحد من التفاوت بين شرائح المجتمع ، فحرية الفرد والمجتمع لاتكون بالغاء حرية الاخر ، من هنا تبدأ مقولة العدالة .(حليم بركات ، المجتمع العربي المعاصر).

والعدالة ليست أمام القانون فقط وإنما في توزيع الموارد الوطنية بالتساوي من خلال تقديم الخدمات والتنمية و البناء و توفير فرص العمل على أساس الكفاءة . وهذه القيم والمرتكزات في الغالب تواجه تحديات جمة عند عملية التحول الديمقراطي جراء رسوخ أساليب ومفاهيم ما قبل التحول و إنتقالها الى ما بعد التحول لاسيما و أن هذا التحول لم يأتِ نتيجة   مخاضات وتجارب و تراكم وإنما بسبب غزو خارجي عمل على تدمير بنية الدولة ومجتمع متعدد الاثنيات ، يعاني الانقسامات الايديولوجية والمذهبية والقومية وإرث من العنف مازالت أثاره تتجلى في سلوكيات الافراد .إضافة الى أحزاب دون وطنية وإيديولوجيا دوغائية وعصبية ، تطبق شكل الديمقراطية و ليس قيمها ، مما أنعكس على أضطراب الحياة السياسية و تواتر الازمات .التي أفضت الى تصدع قيم الديمقراطية وهشاشة النظام الجديد.

ويتساءل جورج بوردو في كتابه الديمقراطية ما إهمية أن يكون الانسان حراً في تفكيره اذا كان تعبيره عن الفكر يعرضه للاضطهاد الاجتماعي ، وأن يكون حراً في رفض شروط العمل اذا كان وضعه الاقتصادي يرغمه على قبوله ، وأن يكون حراً في التمتع بالحياة اذا كان البحث عن لقمة العيش يستغرق كل حياته ، وأن يكون حراً في ينمي شخصيته بالثقافة وأكتشاف العالم المتاح للجميع اذا كانت تنقصه الامكانيات المادية الحيوية .

بمعنى أن الحرية تفقد قيمتها وأثرها على الانسان اذا ما كانت البيئة المحيطة تتسم بغياب الحاجات الانسانية التي تنعكس على سلوكه . إذ ان ثمة قيود وضرورات مادية تفضي الى الانقياد وإندحار حرية الفرد التي تظل مكبلة بأصفاد غير مرئية ، في ما تستمر الافكار قابعة في ذات الفرد حتى يتخلى عنها .فالحرية تقترن بالوعي والمسؤولية والايمان بحرية التعبير عن الرأي وإحترام الاخر ، وتصبح جزءاً من الممارسات اليومية للجماعة . إضافة الى أن الحرمان يفقد قيمة المرء ويتحول الى شيئ مجرد لا أثر له أمام الجميع . لاسيما وأن الدولة تسعى الى تطبيق قانون حرية التعبير –المتعثر- إقراره منذ إثنا عشر عاماً بسبب قسم من بنوده المكبلة للحرية التي يرفع شعارها النظام الجديد.

داخل الانسان

وبذلك يتلاشى جمال أهم قيمة أو مرتكز و الذي يبدأ من داخل الانسان ، و ليس البيئة الغارقة بالشعارات الكاذبة و الاقنعة المزيفة واذا ما حدث إختلال في المعادلة ، يغدوا سراباً ووهماً يفضي الى الاحباط .

أن توفير الحقوق ، يُعد من واجبات الدولة الرئيسة وهي روافد للمشاركة السياسية وأسباباً لمنح الشرعية التي يسعى اليها النظام السياسي . وتوفيرها أيضاً يفضي الى تحقيق الذات و ليس هاجس البحث الدائم عن فرصة عمل إزاء خمول في التنمية وتفشي البطالة التي أصبحت علامة لنسبة عالية من السكان الذي يشكل الشباب أكثر من نصفهم . و قد أنتج غياب العدالة الاجتماعية التي كانت أحد أسبابها القوانين و هشاشة الدولة مشكلات كبيرة في موضوع النفقات التشغيلية مع وجود 300 ألف شخص يستلمون رواتب وآخرين فضائيين (وفق اللجنة المالية البرلمانية).

أن تحقيق قيم الديمقراطية يتوجب جهوداً شاقة و عملاً مثمراً يقوم  على الوعي و التسامح للارتقاء بالمواطنة والحرية و المساواة و الغاء القوانين التي تحمى التمايز بأدراك أن الحقوق تقترن بالواجبات والحق بالمشاركة السياسية . إضافة الى تحقيق الامن الاجتماعي بعدم التهديد و الخوف لأسباب تتعلق بحرية التعبير والتظاهر السلمي أو لأسباب مذهبية أو قومية أو دينية .

تعليقات

التنقل السريع