القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

"فيان البغدادي" والبوح خارج أسوار الكتمان

ريسان الخزعلي


 
عرس البلابل، مجموعة الشاعرة/ فيان البغدادي/ تأتي مُكمّلةً لما بدأتها في مجموعتها الأولى( خزرة فوانيس)، وبذلك حملت السمات ذاتها: اللغة، البناء، الصورة، الاهتمامات، الهموم الحياتيّة اليومية، مؤكِدة صوتها الشعري الخاص، الذي لم تلفحْه تأثيرات الصوت الآخر.
تمتلك الشاعرة في هذه المجموعة قدرة البوح العالي– البوح خارج أسوار الكتمان، فلا تردد في افصاحها عن الحُب والاشتياق واللوعة والتضامن مع الآخر في محنته الوجودية، جاعلة من (مسيحيتها) التي تفصح عنها باعتداد جسراً روحياً لهذا التضامن، حتى وإن كان مثل هذا الإفصاح ليس ضروريا في التداول الشعري، عندما تكون الإنسانية هي المشترك الأعلى. فيان البغدادي، شاعرةُ بوح صادق، لا تُقيّد مشاعرها وأحاسيها بحبال حشمة الإنوثة، وإنما تواجه الواقع بقوّةِ صوت الشاعر بعيداً عن( الجندرَة)، وهذا ما يمنحها توصيفا ً شعريا قلّما نجده عند الأُخريات.
في القراءة الفنية لشعرها في هذه المجموعة، نُشير إلى ما يجب أن تلتفت إليه الشاعرة كي تصفو قصائدها من الفائض، فهي بحاجة أن تولي البناء أهمية أُخرى لتكسب التسلسل الذي يُفضي بعضه إلى البعض الذي يليه، أن تجعل من الصورة حسيّة التأثير، أن تتخلص من بعض التراكيب التجريدية النافرة: خنكَ امرايات، احرورة ملح، خلك َ ليلين، ركض عميان، نذر كَمره، عيون كَلبي، وغيرها من المتشابه مع هذه الأمثلة، أن تتأكد من الكتابة املائيّا، أن تلاحظ تسلسل توزيع المفردات في هيكلية الأشطر الشعرية لضمان نهاية الجُمل واكتمال المعنى.
في المجموعة ثلاث قصائد تحمل العناوين: ونّة ناي، عتب ناي، صرخة ناي، مما يوجب الإلتفات إلى الدقّة في التسمية ودلالتها، ولتجاوز التداخل في التسميات، كان بالإمكان أن تكون هذه القصائد قصيدة مقطعية واحدة بعنوان( ونّة ناي).
تحتوي المجموعة على(24) قصيدة، تتباين في التشكيل الشعري، وتتشابه في مناخاتها، وأرى من بينها ثلاث قصائد تؤسس لشعرية الشاعرة، لما توافرت عليه من ممكنات فنية وجمالية: قدّاس المطر، كتبت له في آخر رسالة، غربة اسطنبول.
حنيتلك..
عفْت آنه روحي إو جيتلك
دكَيت بيبان العشكَ، دكَة طفل يرجف لمن ناغيتلك
مرجوحه اروحن، مرّه ارد، واحبال صوتي اتكَطعن
من اصرخ اشتاكَيتلك.
حنيتلك، راحات اديّه امن الجفن حنّة عرس، واشكَد دمع بديتلك.
وفي المفتتح الأخير من هذه الإشارات، نؤكد: أن الشاعرة( فيان البغدادي) في/ عرس البلابل/ كانت تبوح خارج أسوار الكتمان.

تعليقات

التنقل السريع