القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الخطاط صلاح الدين الجاسم: مهنتنا في طريقها للإندثار !

كتب/منتظر الخرسان


وسط الأوراق السمراء المركونة في احدى زوايا محله الصغير التي بانت عليها ذرات التراب يقوم صلاح الدين الجاسم الخطاط برفع إحداها ووضعها على منضدته المليئة بقصبات الخطاطة وبعض عبوات الحبر ليملأ إحداها بقطرات ماء قليلة داخله وبعدها يكتب جملة بفن الخط العربي الذي هجره العديد وبات في طي الاندثار.

الخط العربي الذي عرف بفنونه الجميلة وزخارفه لم تستهوه الأجيال الحالية بعد التكنولوجيا الحديثة اذ اعتمد على العديد من التطبيقات والبرامج التي اخذت الحرف كصورة وجعلهتا في متناول البرنامج.

"صلاح الدين" يقول وهو جالس خلف منضدته في محله الذي يتوسط مدينة الناصرية وكتب عليه "دار الخط العربي" ان الاقبال على كتابة اللوحات والجمل والكلمات لم تعد مرغوبة من الجميع اذ يلجأ العديد منهم الى الطباعة الحديثة فكتابة القصبة تأخذ وقتا اذا كانت اللافتة كبيرة الحجم فتستغرق يوما او يومين فيما المطابع الحديثة لا تستغرق سوى نصف ساعة الا انها وكما يعبرون عنها فاقدة لروحية الخط وللمسة الخطاط فمن غير الممكن ان تؤدي برامج "الفوتوشوب والكوريل" نفس غرض القصبة التي تقوم بزوايا مختلفة ننظمها وفق متطلبات اللوحة او حركات الحروف.

فقد بدأت مهنة كتابة الخط العربي تنحسر الى حد كبير فلم يصبح مصدرا للمعيشة كالسابق بل أصبح لمن يرغب بالحفاظ على هذا الإرث العربي الذي يمتد لآلاف السنين.

"صلاح الدين" والذي يعمل مدرسا للخط في معهد الفنون الجميلة يعزو سبب ذلك لعدم الاهتمام الحكومي والمنظمات والجمعيات المعنية بذلك، ففي فترة الأنظمة السابقة قبل 2003 كانت المؤسسات التربوية تولي الخط العربي اهتماما واضحا اذ توزع الكراريس في المدارس وتقيم المعارض فضلا عن المعارض الدولية التي ترعاها الحكومة ذاتها.

يكمل حديثه بحسرات اذ يقول: ما يواجه مشكلة الخط ليس الجمالية والحفاظ عليه فقط بل تعدى الامر الى الأخطاء الإملائية التي يشاهدها الجميع اذ تجد أشخاصا متعلمين ولديهم العديد من الأخطاء الإملائية ورسمهم للحروف خاطئا.

وشهدت مدينة الناصرية عصرا ذهبيا ابتداء من أربعينيات القرن الماضي أو ما يسمى بحقبة الرواد واستمر زهوه حتى نهاية التسعينيات وبعدها اختلف كل شيء.

يتابع "صلاح الدين" كلامه ويقول رغم جمالية فن الخط إلا ان البعض من المعنيين بالفن يستفهم في اي مجال يصنف الخط كنوع من أنواع الفن.

وهو يكمل خطاطة لوحته السمراء ليكشف عن مشروع تبناه كي يطرحه على المؤسسة التربوية في ذي قار حول جمالية الخط العربي وكيف ممكن إعادة رونقه من خلال دورات تدريبية في المدارس وتعليمه ووضع منهج متكامل لذلك كي يمكن ان نلفت أنظار الناس إلى أهميته والحفاظ عليه.

اما الخطاط وئام خضير الدهمشي فاشار الى ان الذائقة الفنية لدى الناس لها اثرها في اعادة هذا التراث فضلا عن المستوى الثقافي وبالرغم من وجود بعض الشخصيات الذين يرغبون كتابة اللوحات بالخط العربي الا ان الكثير من الناس يرغبون الطباعة السريعة ونوعية الخط تركن جانبا، لذا تجد ان محال الخطاطة في الناصرية بدأت تتضاءل امام التقنيات الحديثة.

تعليقات

التنقل السريع