عدنان سمير دهيرب
خلال السنوات القليلة الماضية , إثر التغيير الذي حصل في البلد , تعدد الاشخاص الذي تصدوا للمسؤولية , بدرجات مختلفة , مع حجم الدولة الكبير , إذ ان بعض الاشخاص لا يكاد يصبح مسؤولا في هذا الشهر , حتى يتم تغييره بعد مدة وجيزة لا تتجاوز الاشهر إن لم نقل دون ذلك , وهذا الامر يعود الى الصراعات الحزبية والجوع الى مائدة السلطة ومغرياتها , والجاه الذي ينقصه , والمال الذي يفتقده . وهذا التغيير لم يتم على اساس الكفاءة والخبرة في المجال الذي يشتغل فيه . ولأن مناصب الدولة تتم على (قاعدة) المحاصصة فأن الخلل سيرافق المسؤول في عمله وادارته التي تتطلب التخصص والفطنة والمعرفة بجزئيات العمل الاداري للارتقاء بمهام المؤسسة التي يقودها, كما أن واقع الحال أضحى قاعدة تسير عليها مؤسسات الدولة المختلفة , لا سيما المدنية منها فأن الضرورة اقتضت أن يحظى المسؤول بعدد من المستشارين التكنوقراط ، كي يقدموا للمسؤول الاستشارة العلمية والعملية التي من شأنها معالجة الخلل الذي يصيب المؤسسة , والعمل في خدمة الصالح العام , وكسب الجمهور , واتخاذ الخطوات التي من شأنها الارتقاء بواقع تلك المؤسسة والتنسيق مع مؤسسات الدولة الاخرى , ومتابعة احتياجات الناس وفق خطط تنسجم مع توجهات الدولة وبرامجها التنموية. غير أن المعضلة التي نجدها في تلك المؤسسات – سواء كانت وزارات أو محافظات – تلتقي مع (القاعدة) التي جاء بها المسؤول لتلك المؤسسة والقائمة على التوجهات الحزبية والطائفية والقومية والاثنية , مما أفقدها الهدف الذي وجدت من أجله , مما أنتج قرارات وسياقات عمل لا ترتقي وربما لا تلتقي مع عمل تلك المؤسسة الواجب تنفيذه .
ففي كل مؤسسة يوجد عدد من المستشارين يتقاضون رواتب كبيرة ويشغلون مكاتب فخمة, والحقيقة هم عناوين براقة يتواجدون في أماكنهم لبضع ساعات في الاسبوع , دون تقديم تلك الاستشارات المطلوبة , جراء الفجوة القائمة بين المسؤول والمستشار , أو لأن الطرفين يعلمان ان وجودهم ديكوريا , وليس لأغراض الاستشارة والفائدة , مما أنعكس على إداء تلك المؤسسات . في حين تؤكد المؤسسات في الدول المتقدمة على أهمية وجود المستشار بوصفه العقل الثاني المدبر والخبير والمخطط لرئيس المؤسسة , ففي كتابها الموسوم ( خيارات صعبة ) تذكر هيلاري كلينتون (ص43) أنها وظفت شيريل ميلز مستشارة ورئيسة فريق عملها , فقد كانت" تتحدث في سرعة وتفكر في سرعة أكبر ويشبه ذهنها الشفرة الحادة، إذ يشرح ويقطع كل مشكلة تعترضها . وكانت ايضاً صاحبة قلب كبير, وولاء لا حدود له , ونزاهة صلبة والتزام عميق حيال العدالة الاجتماعية". وتقول "حين دعتني وزيرة الخارجية كوندليزا رايس الى شقتها في مجمع ووترغيت الى عشاء خاص , منحنا فرصة لمناقشة التحديات السياسية والقرارات المتعلقة بالموظفين التي قد أواجهها . طلبت أمراً واحد : هل تبقين لي على سائقك ؟ وافقت , وسرعان ما صرت أعتمد عليه , على ما فعلت كوندي" .
وعود على بدء فأن المسؤول لدينا, أول أجراء يتخذه هو أزاحة كل الذين يعملون مع المسؤول السابق , بدءاً من السائق وعامل الخدمة وكل المستشارين والعاملين في الحلقة الضيقة لذلك المسؤول . ليس لأنهم غير كفوئين , ولكنه تدوير (للقاعدة) التي بدأ فيها سابقه , وفقدان للثقة بين الاثنين السابق واللاحق... فهل نحن نتقدم خطوة أم نتراجع خطوتان ؟؟
تعليقات
إرسال تعليق