السماوة/متابعات
كشفت التحقيقات الأولية التي نفذتها لجنة التحقيق النيابية المعنية بمراجعة وتدقيق عقود الطاقة الكهربائية للأعوام الـ (14) الماضية عن تورط عدد من المسؤولين التنفيذيين بعمليات فساد مالي واداري.
وتعتقد اللجنة أن الفساد تسبب في هدر نصف انفاق الوزارة خلال 15 عاما أي ما يعادل ثلاثين مليار دولار من أصل 60 مليارا انفقت على هذا القطاع المتلكيء.
واستعانت اللجنة التحقيقية التي شكلها مجلس النواب في شهر تموز الماضي بفريق من الخبراء الفنيين لإعداد تقريرها النهائي على أمل تقديمه إلى رئاسة المجلس في شهر تشرين الأول المقبل، والذي اشر ــ بحسب معلومات حصلنا عليها ــ مخالفات مالية وإدارية وقانونية كبيرة ارتكبت أثناء توقيع عقود الكهرباء تشوبها شبهات فساد ضخمة.
واستضافت اللجنة البرلمانية عددا من المسؤولين عن قطاع الطاقة من بينهم وزير الكهرباء الحالي ماجد مهدي الإمارة، والوكلاء والمدراء العامين ومعاونيهم ومسؤولي العقود وكذلك استدعت وكلاء ومدراء عامين سابقين.
ويقول وليد السهلاني، رئيس لجنة الخدمات والإعمار البرلمانية في تصريح صحفي، إن "التحقيقات التي أجرتها وتنفذها اللجنة البرلمانية المكلفة بمراجعة وتدقيق جميع عقود وزارة الكهرباء تضمنت جملة من القضايا المتعلقة بتعاقدات إنشاء المحطات الكهربائية وصولا إلى موضوع النقل والتوزيع"، مبينا أن "اللجنة التحقيقية عقدت في الفترات السابقة عددا من الاجتماعات من بينها خمسة إلى ستة اجتماعات في مقر هيئة النزاهة استمرت لساعات طويلة".
ويضيف السهلاني وهو عضو اللجنة التحقيقية أنه "خلال هذه الجلسات المكررة والمستمرة استعرضنا عددا من الملفات وناقشنا كل التفاصيل والأرقام والبيانات المثبتة من قبل ديوان الرقابة المالية، ومقاطعتها مع الأوراق أو القضايا المحالة إلى هيئة النزاهة وكذلك القضايا المحالة من هيئة النزاهة إلى محاكم الموضوع وأيضا الإخبارات الموجودة لدى هيئة النزاهة".
وشكل مجلس النواب في تموز الماضي لجنة للتحقيق والتدقيق بتعاقدات وزارة الكهرباء منذ العام 2005 حتى العام 2019 نتيجة للتدهور المستمر في المنظومة الكهربائية، والإخفاقات المتراكمة طوال السنوات السابقة للقطاع الكهربائي. وتتألف اللجنة التحقيقية النيابية المعنية بتدقيق ملفات عقود الكهرباء والتي يترأسها النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي، من رؤساء لجان النزاهة، والخدمات والإعمار، والاقتصاد والاستثمار، والنفط والطاقة، ونواب آخرين، فضلا عن عضوية رئيسي هيئة النزاهة، وديوان الرقابة المالية، ومدير عام التحقيقات في هيئة النزاهة.
وجاء الإعلان عن بدء التحقيق بتعاقدات الطاقة الكهربائية، بعد قيام عدد من المحتجين الغاضبين باقتحام مبنى دائرة توزيع كهرباء بغداد في تموز الماضي، بسبب زيادة فترات انقطاع التيار الكهربائي وتزامنا مع بلوغ درجات الحرارة 45 مئوية. ويضيف عضو لجنة التحقيق البرلمانية بعقود وزارة الكهرباء: "إننا نحاول وضع لمسات مختلفة عما كانت تعمل عليه اللجان التحقيقية التي شكلت سابقا والغاية ليست فقط بإحالة الفاسدين إلى المحاكم بل أن ما نسعى إليه هو ان نكون قوة داعمة تتعاضد في تقديم المعلومات عن طريق عمليات الإرشاد والتقويم والاستفادة من قوانين ديوان الرقابة المالية لإرشاد وزارة الكهرباء ووضع لها سياسة ثابتة".
وبشأن عدد عقود وزارة الكهرباء المحالة إلى التحقيق والتدقيق يوضح النائب السهلاني أن "ما بين 39 إلى 40 قضية محالة إلى محاكم، وقرابة ستين إخبارا في هيئة النزاهة أجرينا التحقيق بها"، مؤكدا أن "عقود وزارة الكهرباء التي يجري تدقيقها تصل إلى المئات". ويؤكد أن لجنته "تحاول في الفترة الحالية إعداد التقرير النهائي الذي سيكون متضمنا لكل الفقرات التي تم التحقيق بها"، مضيفا أن "عرض هذا التقرير سيكون في جلسة برلمانية خاصة يحضرها كل أعضاء اللجنة التحقيقية".
من جهته يشير النائب عن محافظة ذي قار إلى أن "تقديم التقرير النهائي ــ على الارجح ــ سيكون في شهر تشرين الأول المقبل"، مبينا أن "التقرير جاء ضمن اللمسة الفنية والتخصصية لديوان الرقابة المالية وكذلك البعد التحقيقي والقضائي لهيئة النزاهة واعضاء اللجنة من البرلمانيين". ويوضح السهلاني أن "طريقة الحصول على بعض المعلومات من وزارة الكهرباء كانت عن طريق توجيه أسئلة تحريرية ومن ثم تتم الإجابة عليها وترسل إلى اللجنة التحقيقية"، مؤكدا أن "التحقيقات كشفت عن تورط العديد من المسؤولين المتنفذين في وزارة الكهرباء بملفات فساد وشبهات تبديد للمال العام".
وذكرت لجنة النفط والطاقة البرلمانية في تصريح سابق، أن "الأموال التي صرفت على وزارة الكهرباء منذ العام 2005 وحتى الان بلغت أكثر من 60 مليار دولار دون أي تحسن في ساعات تجهيز التيار الكهربائي".
ويلفت إلى أن "تقديم التقرير من قبل اللجنة التحقيقية بشكل نهائي يتوقف على عقد جلستين إلى ثلاث جلسات في هيئة النزاهة"، مؤكدا أننا لمسنا "وجود هدر كبير في المال العام".
وانسجاما مع توجهات البرلمان وجه رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي في وقت سابق بتفعيل مشاريع الكهرباء المتوقفة وتزويد الوقود مجانًا للمولدات الأهلية مقابل تخفيض أسعار الاشتراك وزيادة ساعات التجهيز، مؤكدا على أن مليارات الدولارات التي أنفقت سابقًا كانت تكفي لبناء شبكات كهربائية حديثة. من جانبه، يؤكد علي سعدون اللامي، العضو الآخر في لجنة التحقيق البرلمانية أن "التقرير النهائي الذي سيقدم قريبا إلى رئاسة مجلس النواب سيكون مطولا بعد تحقيقات طالت مئات من العقود التي أبرمتها وزارة الكهرباء بين أعوام 2005 /2019"، لافتا إلى أن لجنته "في طور إعداد هذا التقرير".
ويبين اللامي ، أن "التقرير النهائي الذي يجري الاستعداد لإعداده ثبت مخالفات مالية وإدارية وقانونية كبيرة في وزارة الكهرباء تسببت في عمليات هدر للمال العام"، لافتا إلى أن "اللجنة النيابية التحقيقية استعانت بخبراء فنيين في كتابة تقريرها النهائي قبل عرضه على مجلس النواب".
وفي أول اجتماع للجنة التحقيق البرلمانية بعقود وزارة الكهرباء أكدت، أن المخصصات التي صرفت على القطاع الكهربائي هي الأعلى مقارنة مع بقية الوزارات والمؤسسات العراقية، معتبرة أن الفساد وسوء التخطيط في وزارة الكهرباء أوجد لنا محطات توليد بعيدة عن مصادر الوقود وبالتالي فشل إنتاجها.ويضيف اللامي وهو نائب رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية أن "اللجنة التحقيقية النيابية أكملت قرابة 25% من تدقيق ومراجعة العقود الموقعة من قبل وزارة الكهرباء بين (2005 إلى 2019)"، مؤكدا أن "المخالفات متنوعة ومتعددة بين ما هو مالي وإداري، وسوء تخطيط او تنظيم".
وينوه النائب عن كتلة تحالف سائرون إلى ان "المبالغ التي صرفت على قطاع الكهرباء بعد العام 2003 وإلى يومنا هذا تقدر بـأكثر من 60 مليار دولار"، معتقدا ان "نصف هذه المبالغ هدرت وسرقت وفيها سوء تنظيم وتخطيط".
وأعلن رئيس لجنة التحقيق بعقود الكهرباء حسن الكعبي، في 19 تموز2020، أن المبالغ المصروفة على الكهرباء "ضخمة جدًا" ولا تتناسب وحجم معاناة المواطن طيلة السنوات السابق، وأكد أن لجنته "لن تكون كسابقاتها"، كما تعهد بكشف كامل عمليات هدر المال العام والفساد في هذا القطاع منذ 2003 .
من جانبها توضح وزارة الكهرباء أنها أبدت تعاونا كبيرا مع اللجنة التحقيقية التي شكلها مجلس النواب للنظر في جميع عقودها. ويقول احمد موسى، المتحدث باسم وزارة الكهرباء ، ان "اللجنة البرلمانية طالبتنا بإرسال عدد من العقود المبرمة من قبل الكهرباء"، لافتا إلى ان "الاستضافات شملت وزير الكهرباء الحالي والوكلاء والمدراء العامين ومسؤولي العقود والتجارية ومعاوني المدراء العامين". ويبلغ إنتاج العراق من الطاقة الكهربائية وفقا لوزارة الكهرباء 18 ألفا و500 ميغا واط، بينما حاجة العراق الفعلية للطاقة الكهربائية تصل إلى 27 الف ميغا واط. ويتابع أن "الاستضافة شملت أيضا مدراء عامين سابقين (نقل وتوزيع وانتاج) من قبل لجنة التحقيق في مجلس النواب".
تعليقات
إرسال تعليق