القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

التفكير الزائد.. هل هو نعمة أم نقمة!؟!

د. زينب ساطع




جميعنا نفكر، جميعنا نحاول إيجاد حلول لمشاكلنا، لكن هل وجدناها؟! هل نجدها؟! هل سنجدها!؟

وفي حال استعصى الحل.. مافائدة التفكير أذاً!!

الأفكار الذكية التي أعجبتنا ولم ننفذها هل ننساها هكذا بكل سهولة!؟! 

قرأت مرة عبارة: (لا أريد أن أنتبه، أجمل اللحظات عشتها شاردا).. وتذكرت على الفور مقولة أخرى تقول.. أكره الفطنة، فالفطنة كلفتني كثيرا. 

أعرف امرأة تخطت الستين ولا تحمل في رأسها شيبة واحدة ليس لأن حياتها بلا مشاكل ومتاعب إنما فقط لأنها لا تفكر كثيرا أو لا تشغل بالها في التفكير .. وأعرف رجلا لم يبلغ الخمسين لكن لا توجد في رأسه شعره سوداء بسبب ارهاقه بالتفكير بعمله وعائلته ومشاغله الدائمة التي أثرت على ملامح وجهه وافقدته الشباب والابتسامة تماما..


والحق يقال إن التفكير أمر ايجابي للغاية فالقرآن الكريم عبر عن الذين يفكرون بالايجاب وتكررت آية {افلا يتفكرون} بضع مرات كدليل واضح وحقيقي على ضرورة استعمال العقل، العقل الذي ميزنا الله به عن المخلوقات كافة، لنعبد ونفكر ونعمل ونرتب أمور حياتنا.. فتلك إذاً خصلة وحسنة لا يعلى عليها.. وما دمنا في رحاب القرآن أيضا فهناك آيات أشارت لذوي العقول الراجحة ووصفتهم بأولي الألباب.. أي الناس التي تستخدم العقل لدرجة أن تصل للذكاء والحقيقة المثلى .. حتى أن نيلسون مانديلا وجد إيجابية عظيمة في سجنه حيث قال: 


" لاشيء في السجن يبعث على الرضا سوى شيء واحد هو توفر الوقت للتأمل والتفكير". 

وكل الذين يجتهدون بالتفكير سيفهمون معنى كلامي من إن التفكير مهما أرهقنا فهو غذاء لمعنى الحياة وربما سيتذكر كثير منهم روعة البيت الاسطورة الذي انشده المتنبي ذات يوم فقال : 

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله

    واخو الجهالة في الشقاوة ينعم


لكن يبقى الإنسان كائن معقد تماما فهو كما قال الشاعر مصطفى مراد:

وَانَّكَ تَركيبٌ غَريبٌ مُشَبَّكٌ

وَحَالُكَ مَبنِيٌّ عَلَى الشَّكِ يُعقَدُ

      وطبيعي إن كاتبة مثلي يعتمد قلمها على التفكير أكثر من المشاعر فأنا أعشق مهمة إعمال العقل.. لدرجة انه أحيانا تمر بي صفحات العمر فأتذكر عبارات تتردد دوما

فلان يحب فلانة بجنون

وفلانة تحب فلان بجنون

فأتساءل لماذا الجنون!؟

وهل هناك قيمة للشيء حين ينتفي العقل منه..

ولماذا الحب بالجنون تحديدا.. هل هناك ضير باستخدام العقل في الحب.. في وجهة نظري الفكرية وليست القلبية أقول ان أروع وأصدق واعمق أنواع الحب ذلك الذي يكون  توأماً مع العقل.. أما عبارات العشق بجنون فهي بنظري لا تخرج عن مسجات المراهقين أو من لم يحبوا استخدام العقل يوما..

نرجع لموضوعنا.. التفكير المزمن.. نعمة أم نقمة.. أقصد التفكير الزائد جدا؟!؟

     يخيل لي أنه مرض.. مرض نفسي حقيقي.. والإكثار منه يجعل المرء في حالة عدم الاستقرار والمصالحة مع الذات.. طبعا هو بحسب نوع التفكير انما القصد ذلك التفكير المقرون بطموح عظيمة أو أحلام عظيمة وعدم العمل وفقها وقتها يتحول التفكير إلى شيء سلبي يأخذ من صحة الانسان وعافيته..

    ومرة جربت أن لا أفكر واتخذت قرارا أن لا أفكر .. وما ان بدأت يومي وبدأت أعمل في البيت والمطبخ والتنظيف طفق لذاكرتي شيء ما وجعلني أفكر وأنا كلما انتبهت تعوذت بالله من التفكير.. 

ولا أعرف لماذا قفزت ببالي مقولة الكاتب الناقد المسرحي جورج برنارد شو : 

" إذا حاولت التوقف عن التفكير لعدة دقائق ستجد نفسك محاصرا بالأفكار من جميع الجهات".... 

      ولما وجدت الامر مستحيلا أن لا أشغل عقلي بشيء فاقترحت على عقلي أن نفكر بأمور صغيرة أو غير مهمة. حسنا بم سأبدأ.. بم سأبدأ . 

يا الله.. أنا حتى لا أعرف شيئا تافها أفكر به..

 نعم.. حسنا وجدته..

ما قصة تلك البنت التي خُطبت الإسبوع الماضي هل هي سعيدة اليوم ، سمعت ان خطيبها فقير جدا كيف أقنع اهلها بأنه سيسعدها ويوفر لها حياة كريمة وهو بلا عمل..؟!! 

يا الله.. {خذوهم فقراء يغنيهم الله} نعم هذا الحل الامثل لهذه الحالة..


لأفكر بأمر آخر:

لماذا تلك المرأة حبلت بالطفل السادس كم ستحتاج من العمر والطاقة والقوة لتربيه؟!

لماذا الانجاب لدينا يهتم بالكم لا النوع.. لم لا يفكر الناس بمبدأ (قلل ودلل)..

موضوع آخر:

فلان يريد الزواج على زوجته وسمعت ان زوجته الأولى ذهبت لبيت خطيبته وعملت وصاحت وفرفحت.. عود صدق تحجي هالمراة . شخص ما يريدني واروح وانزل واطخ راسي.. يابه الله ومحمد وعلي معاه والي مايريدني مستحيل اريده لو كان سلطان عصره..)

اوف اوف.. هسه أنا ما دخلي؟! ..

في النهاية استنتجت إن الامور التافهة أعظم خطرا .. لأنها تجعلك تدور بحلقة مفرغة عن الناس وعيوبهم وشؤونهم وتتدخل فيها وهذا الشيء لا تريده لنفسك فكيف ترضاه لغيرك!!! 

وبما إن عدم التفكير أمر مستحيل إذاً علينا أن نفكر بأمور حقيقية.. أمور ذات مغزى ونتيجة.. لأنه اتضح إن التفكير تعويد فطري منذ الصغر ولو فكرنا بما حولنا لوجدنا ان هناك أمور تقتل العقل وتخدره من غير أن يشعر الإنسان بذلك، مثال ذلك الموظف الذي لا يفكر بتطوير عمله ولا يهتم لجودة انتاجه.  الكاتب الذي ينتهج الدرب نفسه منذ نعومة قلمه.. الأستاذ الذي يعلم طلبته كما تعلم هو.. حتى الأب والأم اللذان يربيان أولادهما بنفس تربية أهلهم فهم يدورون ضمن الحلقة المكررة التي لم ولن تعطي نتائج..

لهذا وختاما لفكرة مقالتي أقول ان كان لا بد من التفكير فلم لا يكون التفكير بأمر نافع..

مثل كيف الإنسان يطور نفسه!!

كيف يحقق نتائج أفضل بعمله!!

كيف يجعل عائلته  أسعد!!

كيف يجعل بيته أجمل!!

كيف يخدم نفسه وغيره بالطريقة التي في حدود إمكانيته وإمكانياته... 


وأهم فكرة مقدسة يجب على الإنسان أن يدمن عليها.. كيف يخاف الإنسان ربه في كل الخطوات ..!!! وهذه حقيقة لا مناص منها.  أليس الحكمة هي مخافة الله.


وفي ختام الختام أقول ماتوصلت إليه.. ان تفكيرك الزائد سيحصرك ضمن زاوية ضيقة جدا من السعادة وحلاً لهذه المعضلة عليك استخدام كنز موجود بالعقل ايضا، اسمه (الإهمال) ..

(الإهمال) لكل ماهو عبء عليك..

الإهمال لكل مايعيق عقلك ..

الإهمال لكل الأشياء التي تخيلت يوما إنها حياتك ثم اكتشفت لاحقاً انها الاختناق لحياتك. (وحان وقت الصحوة) .

أنت الان في اول موضوع

تعليقات

التنقل السريع