جواد ابو رغيف
لم يعرف حسين الولد الشغوف بمنطقته التي ولد فيها " منطقة شيشين" في مدينة "تكريت" من أب شيعي من مواليد مدينة العمارة / علي الغربي، وأم سنية من اهالي العلم من محافظة صلاح الدين، فوالده الذي أعدم فيما بعد بتهمة الانتماء لحزب الدعوة، استقر في تكريت بعد ما تزوج، وظل يمارس مهنته كبناء حتى اعتقاله وتغييبه الى اليوم دون معرفة مصيره، كان رجلاً محباً للجميع وملتزم دينياً حتى عرفوا في منطقة شيشين بـ " بيت الملة".
كان حسين رياضياً يمارس لعبة كرة القدم، مثّل فريق ناشئة نادي ( صلاح الدين)، وقد أحب الرياضة بسبب تعلقه وحبه لمعلم الرياضة في "مدرسة قباء" أستاذ " رعد"، من اهالي هيت، وكان محباً لأهل بيت النبي وكان كثيراً ما يتحدث عن سيرتهم، والذي عرف حسين الآن لماذا كان يتقرب منه ويعامله معاملة خاصة، لكن مسيرته الرياضية قطعها الفقر، فـأستدار الى الاهتمام بعائلته بعد اعدام والده.
بعد تغيير النظام في العام (2003) حدث مالم يتوقعه حسين، ففي صبيحة إعدام الطاغية "صدام حسين" حدث هرج ومرج في مدينته بتكريت، بين نائح وصائح ومقيم لمجالس العزاء، كان حسين يجلس في المساء مع بعض افراد عائلته بباب الدار، وأذا بمجموعة من المسلحين الملثمين يقدر عددهم بأربعين شخص ينادون ( هل يوجد بيوت شيعة في المنطقة؟!)، ثم نادى بإسمي شخص من بين الملثمين يبدو انه يعرفني، وقال لي ( حسين لأن انتم خوش ناس الكم فقط الليلة لا تبقون بالديرة!).
يواصل حسين كلامه، عند الساعة الثانية عشرة ليلاً، جمعت عائلتي وهربنا مشياً لانعرف أين نذهب، فقد كان حظر التجوال والمدينة خالية من القوات الامريكية والقوات العراقية، وعند اتصالنا ببعض افراد الشرطة قالوا لنا، أن الامريكان أعطوا أوامر بإنسحاب جميع القوات، عندها ظهر المسلحون الذين هجّروا وقتلوا جميع العوائل الشيعية في منطقة شيشين والتي تقارب (50) عائلة!.
بعد معاناة، وصل حسين وعائلته الى القرية التي يسكن فيها اجداده أهل والدته في ناحية العلم، الذين آووهم وأخفوهم عن المسلحين، الذين تابعوهم يسألون عنهم وكانوا يجيبونهم أنهم رحلوا ولا نعرف عنهم شيئاً، وظلوا متخفين لمدة اسبوع، كان اجدادهم خلالها يأتون لهم بالطعام والشراب، وبعدما طلبوا منهم عدم التحرك والتنقل كي لا يشعر بكم احد انكم موجودين حتى ندبر لكم طريق تخرجون من هنا!.
أكثر ما يؤلم حسين في ذلك الكابوس سكن جاره ( ابو سعد الدليمي) في داره، بعد تهجيره منها، والطامة الكبرى هي، بيع بيتهم الثاني من قبل (رائد النمراوي) بنصف السعر الذي اتفقنا عليه، بعدما نقل ملكيته وتحويلنا البيت بأسمه لثقتنا المفرطة بجارنا!.
لازال حسين مصدوماً ومشوش الفكر، مما جرى عليه وعلى عائلته التي أصبحت في مهب الريح، لا يعرف كيف يوفر أيجار السكن ولقمة العيش، يحاول أن يبيع داره في تكريت ليشتري بثمنها داراً كي يتخلص من عبء الايجار، لكن السعر الذي يدفع له لايوازي ربع قيمة البيوت المجاورة له، فهم يعلمون بأن الدار من بيوت المهجّرين (الشيعة) فيبخسون ثمنها!
تعليقات
إرسال تعليق