عدنان سمير دهيرب / نقلاً عن جريدة الزمان الدولية
مائة عام مضت على قيام الدولة و تأسيس الاحزاب في عشرينات القرن الماضي و الانقسام ما برح قائماً ايديولوجياً و سياسياً وأجتماعياً .
لا إتفاق في الثوابت و المتغيرات ، كل فئة او طائفة تجد الصواب ينتهي اليها ، لأمتلاكها الحقيقة ودونها هراء .
خلافاتنا على الماضي و انقسامنا على الحاضر أفضى الى فقدان المستقبل وأشاع الاحباط و القلق و تراخي العلاقات الاجتماعية جراء إعتقال الذاكرة التي ترفض الانعتاق و نسيان ما نملك.
واقع تتجلى فيه الصراعات المحتدمة لانتاج الازمات في بيئة مشحونة بالاصطفافات ، و إنسان يبحث أبداً عن حقوقه في الحياة
نتخاصم حول الجرائم التي أرتكبت بحقنا ، قسم يدافع عن جريمة الحاكم باختلاق الذرائع و الحجج ، و الاخر يستنكر و يتهم ليس إيماناً بالحرية ودفاعاً عن قيم الانسان المهدورة ، و إنما لاختلاف الايديولوجيا و الفكر والعقيدة ، لأن جُل الناس (لاتنظر الى القمر و إنما الى اليد التي تشير اليه).
و أعتقد أن الانقسام المتجذر هو نتيجة الاستبداد و الامراض الاجتماعية كالجهل و التخلف التي تفاقمت و ليس يسيراً معالجتها مع حضور قوى متعددة تغذي تلك الامراض ، و أنتجت أخرى كالعنف المجتمعي و إشاعة خطاب الكراهية بفعل التراكم السلبي و نشوب الازمات و تسريب الافكار الملوثة التي أدت الى إغتصاب قيم أجتماعية ينماز بها مجتمعنا .
أن العصبية و تعدد النزعات ، و الموافق من التدنيس المفرط الى التقديس المفرط ، هي من بقايا العنت الايديولوجي ، ما أحوجنا الى إبعاد الشعارات و الكليشيهات عن الوقائع الثرة المتشابكة .
احداث الماضي
كيما نرفع عن التاريخ أي محرم . و نطلق أوار البحث في أحداث الماضي ، بحث مفتوح النهايات منفتحاً على المعطيات و المعلومات ، هادئاً و محترساً. (فالح عبد الجبار/ العنف الاصولي في العراق).
تلك النهايات قفزت الى بدايات بنية نظام سياسي ، رفع شعارات تحمل مضامين تقوم على التفتيت و الانقسام جراء الظمأ و الاستئثار بالسلطة ، وفقدان الثقة التي تشكل أحد أسباب غياب الاستقرار و ضعف مؤسسات الدولة . تلك المضامين تكرسها خطابات وسائل إعلام خضعت للمال والايديولوجيا و إعلان التبعية ، تحت عناوين التعدد و حرية الرأي و التعبير غير المسؤولة في صيانة المجتمع من التصدع و التمزق في مرحلة تحول سياسي و فكري لجمهور يعيش حالات من الارتباك و الصراعات و غسيل الادمغة و الازاحات التي نخشى تأطيرها بالعنف الذي يتسم به تاريخ الاحزاب و مدوناتها شاهد و دليل .
مما يفضي الى عدم القدرة على بلورة رأي عام حول القضايا المشتركة ، من خلال إغراقة بالمعلومات التي يختلط فيها الكذب و الصدق ، المفيد و الضار ، الغث و السمين دون التحقق من مصداقيتها ، فيما يغلب الرأي و التأويل على المعلومات الحقيقية .و رغم أن الحقائق تأتي متأخرة و نمو بذور الوعي الذي يتطلب مدى زمني طويل لاسيما لدى الشباب وأنتشار المعلومة أفقياً بفضل وسائل التواصل الاعلامي ، وتحدي الفساد المتفاقم و الرغبة في التغيير و الاصلاح الذي بات أولوية تتشوف اليها معظم قطاعات الشعب الذي يعاني من تراكم السلبيات التي فرضتها أنظمة الحكم .
فأن الضرورة تدعوا النخب الثقافية و قادة الرأي و منظمات المجتمع المدني و رسائل الاعلام النبيل بايقاظ العقل و القدرة على التحليل و الاسهام في عملية الحوار و الجدل الناضج للشفاء من الامراض المتجذرة من اجل ترصين الجبهة الداخلية و حمايتها من الانقسام و الخلافات لصناعة رأي عام يلتقي حول مفاهيم مشتركة و ثوابت راسخة و إدراك بمدى الخطوب التي تحيق بالمجتمع كي يصبح قوة مؤثرة في صياغة القرارات و القوانين بوصفه مصدر السلطات في النظام الديمقراطي .
بمعنى أن نتصالح و نتفق اولا و نعرف ماذا نريد ثانياً ، لان الشعب يساوي السلطة في المسؤولية و التغيير .
تعليقات
إرسال تعليق