القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

تحويل الإنتباه بين التصريح والغناء

عدنان سمير دهيرب/ نقلاً عن جريدة "الزمان" الدولية




يُعد تحويل الانتباه , أحد وسائل الحكومات و أحزاب السلطة , بتغيير اتجاهات الرأي العام حول القضايا ذات المساس المباشر بحياتهم اليومية ,أو الظواهر الجوهرية نحو قضايا هامشية تشبه الحوادث و الوقائع التي تحصل يومياً , بتكرار عرضها و مناقشتها و تحليلها و مدى الاثار السلبية التي تنعكس على الفرد و المجتمع .وهو اسلوب شائع في مختلف الانظمة السياسية الشمولية و الليبرالية , الديمقراطية و الدكتاتورية , الرأسمالية و الاشتراكية و بلدان العالم المتقدمة و المختلفة للتأثير على الجمهور بالاستمالات العقلية و العاطفية و الحجج التي تتكئ على اللغة في شكل الخطاب المكتوب و المقروء الذي تتخذه الوسيلة الاعلامية او الأتصالية , لاسيما و ان العالم يغرق وسط أمواج من التنافس في عرض الاخبار و المعلومات و الاراء المختلفة , الشاذة , العلمية , الحقيقية و الكاذبة و طرحها بأشكال من الاثارة و المبالغة باستخدام فنون الدعاية و الاعلام بينهما خيط غير منظور ليس يسيراً بيانه مع التقدم التكنولوجي الهائل لوسائل الاتصال . وهو ما أشار اليه رواد مدرسة فرانكفورت منذ بدايات القرن الماضي بنقدهم لهيمنة المال بهدف تسليع الثقافة التي اخذت تنتشر بأشكال مختلفة ذات أثار كبيرة على ثقافات الشعوب واختراق قيمها , التي انعكست على سلوكيات الافراد كالفنون و الغناء مثلاً.

فقد أنشغلت تلك الوسائل المقروءة و المرئية و المسموعة بكل أنواعها و اشكالها خلال الايام الماضية بما قدمه (المطرب محمد رمضان ) بالحفل الذي أقيم في بغداد , ووجهت له سهام النقد اللاذع من جهات عديدة , كان لخطباء الجوامع و الحسينيات الدور الاكبر في منحها الاهمية . حتى غدت قضية رأي عام إثر أطلاق مختلف الصفات السلبية على هذا (المطرب) و تناولت وسائل الاعلام ببرامجها اليومية هذه القضية التي طغت على كل القضايا السلبية التي يعاني منها المجتمع.

وإزاء هذه القضية التي تجلت في تلك الوسائل كانت ثمة قضية طرحها وزير الداخلية عثمان الغانمي , قبل ايام او تزامنت مع هذا الحدث الفني , تلكم هي اعلانه – أي وزير الداخلية – عن تعاطي و ادمان نسبة 50% من الشباب للمخدرات التي غزت المجتمع العراقي , و أضحت قضية تؤرق العوائل العراقية , و اهتمام المختصين , غير ان وسائل الاعلام و التواصل الاجتماعي لم تمنحها الاهمية التي تتماثل او تتناسب مع اثارها السلبية , إذ ان اعلان الحكومة لهذه النسبة المرعبة للمتعاطين يكشف رسمياً عن حقيقة مستوى الانحدار و الضياع و هلاك الشباب في مستنقع يفضي الى رذائل كثيرة كان أحدها إندماج الشباب مع هذا المستوى الفني الهابط.

لذلك فأن تحويل الانتباه عن القضايا الجوهرية و سلبية أثارها العميقة كان أحد الاساليب التي أعتمدها قادة الرأي  في تغيير إتجاهات الجمهور خلال السنوات المنصرمة مما أدى الى استمرار التفكك الاجتماعي و الاضطراب السياسي . و الافادة من وسائل الاعلام و التواصل في نشر أرائهم  التي غدت صوتاً مؤثراً يعلو على كل الاصوات في بيئة ملوثة يتداخل فيها مفهوم حرية التعبير عن الرأي و الاهداف المضمرة وراء تلك الاراء التي انتجت (الوعي الزائف) في تناول اولويات القضايا التي يعاني منها المجتمع .

تعليقات

التنقل السريع