القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

العراق : حلمٌ يتحقق .. والآخر يخيب ..

إستطلاع / لين الحناوي *



لا يتخلى المهاجرون عن عائلاتهم وأصدقائهم  وحياتهم عن عبث، فالبؤس والاضطهاد والقمع والجريمة تحوّل الحياة لجحيمٍ لا يطاق، فحين أصبحت الأرض ساحة معركة وصراع، وانتثرت الطرقات بالدماء بدلاً من القمح والأزهار، أضحت ظاهرة الهجرة ظاهرة هروب وفرار من واقع أليم مليء بالصراعات والخوف أو فقر وأحوال سيئة.

آلاف المهاجرين العرب فرّو من سورية والعراق وليبيا ولبنان، سواء من جحيم الحرب والاستبداد أو من فقرٍ مدقع أو من البطالة المنتشرة في أغلب الدول العربية.

في العراق، وبعد توسع رقعة الفقر وتآكل الطبقة الوسطى وانعدام فئة الفقراء ، بلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين منها وحدها 85000 مهاجر في اليونان فقط ، مجموعات كبيرة تأمل في هجرتها بحياة أفضل في مكان آخر.


حرباً تلو الأخرى :

يعد عدم الاستقرار السياسي في العراق أحد الأسباب الرئيسية للهجرة، حالة الفوضى والتوتر العميق التي يعيشها المواطنون بسبب الاضطرابات الأهلية والتوترات السياسية بين مختلف الأحزاب الحاكمة والاشتباكات العسكرية المستمرة والهجمات الإرهابية ووجود الجماعات المسلحة والعنف سواء في بغداد أم في إقليم كوردستان العراق، كلها أسباب تثير المخاوف وتدفع بهم للهجرة خارج البلاد.

يقول ( يحيى ، 28 عام): لا يمكننا التنبؤ بالوضع الأمني، نعيش حالة توتر دائم، إذ يمكن أن يتغير كل شيء بلحظة، ونجد نفسنا على خط المعركة.


البطالة والأزمات الاقتصادية:

 الواقع المأساوي للعراق منذ 40 عام، شكّل عواقب اقتصادية ناتجة عن النزاعات والحروب المستمرة، إذ لا يمكن أن تمر دون أن تترك آثارها العميقة، هذا الواقع المتأزم الذي يعصف بالبلاد أدى لانعدام فرص العمل خاصة مع التضخم البشري أمام الفرص المتاحة،  والتحولات الاقتصادية نتيجة قلة الدخل وتصاعد ارتفاع الأسعار، فَقَدَ فيها نصف الشعب سبل العيش الكريم والنصف الآخر تحت خط الفقر، مما جعل خيار الهجرة وخاصة عند الشباب من أفضل الحلول رغم صعوبته وتكلفته العالية، إذ تصل تكاليف الرحلة بين 1500 إلى 2500 دولار.

يقول ( سعيد، 25عام): قرار خروجي من العراق بات نهائياً، الأوضاع السياسية والاجتماعية وخاصة الاقتصادية وقلة الدخل جعلت المعيشة صعبة جداً.


 خوف وإحباط:

ارتفاع معدلات الفقر والبطالة سبّب كثير من المشاكل النفسية والاجتماعية ، أدت هذه المشاكل لتفشي الجرائم والقتل والسرقات، بغية الحصول على المال بشتى الطرق، فكثير من الأشخاص من أصحاب العوائل أو بحاجة لزواج ولم يجدوا فرص عمل، فيقدمون على ارتكاب جرائم مثل القتل والخطف والسرقة خاصة مع الفلتان الأمني الذي يعيشه العراق، ما جعله من أخطر مناطق العيش، وهي أسباب كافية لإحباط الشباب والدفع بهم نحو باب الهجرة بحثاً عن حياة جديدة تخلو من العنف والقهر والعجز، وهذا ما جعل الدول الأوروبية وجهتهم الرئيسية .


غياب القانون.. ومواطنون بلا حماية:

لا يمكن لغياب القانون والشعور بالأمن والسلامة أن يسيران جنباً إلى جنب، إذ يتلقى كثير من المواطنين تهديدات شخصية كالقتل والخطف والقمع العنيف (سواء لأسباب دينية أو سياسية) في ظل غياب تام للأمن والشرطة، فالشعور بالحماية والإحساس بمعنى القانون فُقد عند كل مواطن عراقي، فهم عزّل متروكين بلا حماية.

تقول ( دعاء، 23 عام): هم يدفعون بنا لمغادرة العراق .


البحث عن العدالة..  بأكثر الطرق خطورة: 

إنها المغامرة الأخيرة .. إما حياة جديدة .. أو البقاء في حياة جهنمية..

فرغم مخاطر الوصول إلى الدول الأوروبية وتكاليفها الباهظة، إلا أن المهاجرين في حشود متدفقة ومجموعات كبيرة تهرب من واقعها الأليم عبر القوارب المطاطية في البحر، معظم الهاربين يعلم أنه سيواجه الموت في كل لحظة حتى وصوله إلى بر الأمان، إلا أنهم يفضلون هذه المخاطرة في سبيل البدء بحياة رغيدة ومستقبل جديد في دولة تحفظ لهم الحرية والكرامة والإنسانية.


السعي نحو حياة كريمة:

اختلف طموح الشباب العراقي عن البناء والإعمار والزواج وغيرها، فأصبح هدفه السفر والعجرة،  بعد أن فقدوا الأمل في العراق، إذ تجاوز عدد المهاجرين العراقيين في الدول الأوروبية 85000 مهاجر عن طريق البحر. 

يقول ( مجد، 27 عام): في العراق.. لا يمكن أن تحقق شيء، لا مسكن ولا وظيفة ولا زواج.

فمن الطبيعي أن يتوجه الشباب للدول التي توفر لهم العمل والأمن معاً، ويستطيع من خلالها تحقيق ذاته وبناء مستقبله.


-------

* كاتبة وصحفية سورية

تعليقات

التنقل السريع