القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

 عدنان سمير دهيرب



محافظة المثنى التي تزيد مساحتها على مساحة لبنان أكثر من خمسة اضعاف ، جُلها مفاوز وأرض يباب ، تستغيث من القحط ، وتطوي في صفحاتها حكايات ومتناقضات الطبيعية بنقائها وقسوتها والفضاءات التي تلتقي مع السراب والوهم .

مركز المحافظة ، السماوة وهي مدينة صغيرة او قرية كبيرة وتعني الارض القريبة من السماء مثلما يرى اهل اللغة ، ولها حضور يعود الى ما قبل الاسلام ، وذكرها المتنبي كما في البيت التالي :

تركنا من وراء العيس نجداً                ونكبنا السماوة فالعراقا

وثمة اقضية اخرى اقترنت اسمائها بوقائع واحداث وشواخص تأريخية لم تزل مثار فخر لأهلها وللعراق، إذ أن الرميثة – القضاء – المكتنز يالعشائر التي ارتبطت بها انطلاق الشرارة الاولى لثورة العشرين وانتهت اليها .

والوركاء – القضاء – الذي بدأ من جواره الحرف الاول والزقورات والمعابد واسم العراق وسجلت انامل عبقرية ذلكم الانسان الذي خط ملحمة گلگامش .

والخضر الذي جاء اسمه من مقام سيدنا الخضر (ع).

والسلمان بوابة البادية الجنوبية الذي اقترن اسمه بتاريخ العراق المعاصر ، بقطار الموت والسجن الذي شيد في عام 1928 والذي ما زالت جدرانه تحكي مكابدات وذكريات الشخصيات الوطنية التي قارعت الاستعمار والاستبداد قبل وبعد ثورة 14 تموز .

كل تلك الشذرات والمسميات ، وهي لم تزل تنوء ثقل الاهمال ليس فيها ما يشير الى تكريمها وانقاذها مما تعاني .

وبالرغم من الهدوء والسلام والوئام الذي يسود في حواضرها خلال السنوات الاخيرة ، التي كان فيها العراق تعاني فيه العاصمة ومعظم البلدات من العنف وغياب السلم الاهلي، كانت هي انموذجا للتعايش ، بسبب البنى التقليدية المتجانسة والمتماسكة التي منحتها دفقاً من المحبة والتسامح الذي إنمازت به طيلة تلك الاعوام وما زالت كذلك .

حتى ان اليابان إثر الاحتلال الامريكي اختارتها مكانا لقواتها . وفي عام 2004 اجريت حوارا مع وزيرة الخارجية اليابانية انذاك بمبنى الوزراة في طوكيو ، قالت “ان المواطن في المثنى يستلم اعلى مبلغ في العالم ” وتقصد ما تصرفه قوات بلادها من اموال في تأهيل المباني وتجهيز المستشفيات والدوائر الخدمية بالاجهزة والمعدات التي تنعكس تاليا على المواطن في تحسين حياته .

وغيرها من الاموال التي صرفت من الحكومات العراقية المتعاقبة وتقدر بمئات المليارات , ولكن تلك الاموال التي صرفت على المشاريع ما زالت متلكئة متعثرة , ظلت هياكل تلعب فيها الرياح فضلا عن ضعف وتراجع الخدمات مما اضطر المحافظ الحالي احمد منفي إبان الحكومة السابقة للذهاب الى السيد مسعود البرزاني مسؤول الحزب الديمقراطي الكردستاني ينتخي به، للحديث مع وزير الاعمار والاسكان والبلديات بوصفه مرشحا عن الحزب ولم يذهب حينها الى رئيس مجلس الوزراء !؟ وتلك مفارقة في دول المحاصصة والهشاشة تؤكد تعدد مصادر السلطة والقرار ، كي يصرف الاموال المخصصة للنهوض بواقع المحافظة ، فضلا عن التحرك على الوزراء الاخرين كل حسب اختصاصه ، لانقاذ الواقع البائس الذي انعكس على انتشار الفقر المدقع والذي يبلغ استناداً لوزارة التخطيط 52 بالمئة من عدد السكان البالغ اكثر من 770 الف مواطن ، اكثر من نصفهم دون خط الفقر ، والادق دون خط البشر ، وهذه النسبة قبل انتشار وباء كورونا ، اي ان النسبة اكثر من ذلك في الوقت الحاضر . مما دعا هؤلاء الى الوقوف طوابير طويلة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي, نسوة تغير لون عياءاتهن الاسود من الانتظار الطويل تحت اشعة الشمس اللاهبة الى شكل لا لون له ، لا يعرفه سوى المحرومين الذين اعتادت نواظرهم عليه,  من فرط البؤس والفجيعة ، يقفن من الصباح الباكر كي يستلمن سلة غذائية بسيطة من احدى المنظمات او الجمعيات الخيرية .

هذا المشهد المزري تكرر كثيرا ، لا سيما في الرميثة التي طالما تغنى اصحاب الشأن في السلطة ، ببطولات رجالاتها في العشرين وغيرها من الموافق الوطنية لغاية الان .  فهل ينفع ذكر المآثر وأهليهم يتضورون جوعا ؟ هل يشفع الماضي الناصح البياض الذي نتكئ عليه كلما داهمتنا أزمة ، في انقاذ الحاضر والتطلع نحو المستقبل ؟

ام ان الآية الكريمة تحضر الان ” كيف تكونوا يولى عليكم



” . ان مشهد طوابير الفاقة والجوع الذي نشر . دعا رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي الى الاشارة لذلك الفيلم المبكي ، مرتين بالرغم من قصر مدة حكومته ،ووعد بمساعدتهم ، وهذه المرة ليس لذكر المواقف البطولية وانما حزنا لما وصلت اليه العوائل من الفقر وغياب العدالة الاجتماعية ، فهل يسارع الى نجدتهم ، وانقاذ مدنهم من الاهمال وقبلها الانسان الذي فقد حاجاته الاساسية ؟! .


تعليقات

التنقل السريع