القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

في ذكرى الاستفتاء... انتماء بحلم تاريخي!

دانا اسعد


تحل اليوم الذكرى السنوية لاستفتاء استقلال اقليم كردستان، الحدث الذي غير لاحقاً كل شيء، وفتح جرحا لم يلتئم منذ ثلاث سنوات.

بمجرد الحديث عن فكرة، ولا أقول مشروع، الاستفتاء على الاستقلال، نحصل بسهولة على اجوبة متناقضة! وفي الغالب، هي أجوبة جاهزة من مطابخ سياسية أو إعلامية لا اريد تكبد عناء الكتابة عنها اليوم!

كوني كردي الولادة، عراقي الجنسية لا استطيع اعتباريا وعاطفيا، أن اتغاضى عن محركات الخلاف بين القوميتين، لكنني أميل أكثر إلى تقدير روابط متينة ثقافيا واجتماعيا، صارت تكابد الأمرين من ثلاث سنوات، منذ الاستفتاء.

لمن لا يعرف، فإن والدي كان ضابطا بالجيش العراقي، وشارك في الحرب ضد ايران، دون الخوض في مشروعية هذه الحرب، لا سيما حين نعلم أنه جرح اكثر من مرة وهو يدافع عن البصرة ومينائها بداية الثمانينات.

هذا المقاتل العنيد دفاعاً عن العراق، لم يتحرج يوماً من إيمانه العميق بالقضية الكردية وحلمه في إقامة دولة كردية.

هذا الحلم التاريخي قاد والدي إلى حبل المشنقة، في سجن أبو غريب، شهيدا بجروح حرب إيران وحلم كردي قديم.

لم يخرج الكرد إلى صناديق الاقتراع نكاية بالعراق أو معاداة لشعوبه المتنوعة منذ آلاف السنين خاصة الأغلبية العربية التي تشكل عماده الأساسي، بل خرجوا من أجل التعبير عن حقهم التاريخي المشروع بغض النظر عن الدوافع السياسية لقادتهم، هؤلاء العاجزين عن توحيد اقليمهم الحالي اساسا، وفي الأساس لماذا يصعب على كثيرين التفريق بين الكرد وقادتهم؟

بالرغم من تلاعب القادة السياسيين الكرد بالمشاعر القومية، لكن المواطن الكردي البسيط لا يملك حلماً سوى استرداد حق تاريخي سلبته قوى ودول كبرى غزت أو استعمرت المنطقة!

افتراضا نقلب الصورة، فهل سيكون من حقي معاداة الشيعة لانتظارهم اقامة دولة العدل الالهية؟ هل لي الحق في معاداة السنة القوميين لأنهم يحلمون في توحيد الامة العربية من المحيط الى الخليج؟ هل بالضرورة أن تكون هذه التطلعات والرغبات وسيلة وطريقة للعداوة وتبادل مشاعر الكراهية؟

الكثير تسائلوا عن مشاركتي في استفتاء اقليم كردستان، وماذا كان صوتي فيه وتصويتي! الحقيقة أنني لم أشارك، بل كنت من المقاطعين والمعارضين له وبشدة، لكن اتمنى ان تضعوا انفسكم مكان كردي وتخيلوا كيف هذا الكردي يصوت بنعم للاستقلال، ثم يرقص فرحاً لأن المنتخب الوطني العراقي سجل هدفاً في مباراة لكرة القدم حتى لو كانت ودية!

هل يمكن أن تأخذ الكراهية استراحتها منا، وخلال ذلك ضعوا انفسكم مكان اي مواطن كردي لقى من الهول الكثير على ايدي الانظمة المتعاقبة، ليس فقط في العراق، بل في البلدان المحيطة ايضا، ان يجد نفسه امام سؤال واحد له اجابتان لا اكثر: هل انت مع قيام الدولة الكردية؟ نعم ام لا؟ لو كنتم مكان هذا الكردي هل تستطيعون ان تصوتوا ب لا!

الدولة الكردية ليست مشروعا سياسيا، بل حلم أكثر من ١٠٠ عام، حتى أطول من عمر الدولة العراقية بطورها المعاصر.

السؤال المؤلم لي ككردي عراقي، كيف لكثيرين أن يكرهون الكرد حتى مع حلمهم التاريخي بإقامة الدولة، كيف سيكون وقع هذا على شخص مثلي يحب العراق، وينتمي إليه بحلم كردي.

انتماء بحلم تاريخي لن يكون جريمة ابداً

تعليقات

التنقل السريع