القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

عدنان سمير دهيرب/ نقلا عن جريدة الزمان الدولية




لا تكتمل ملامح فكرة ما لحظة الولادة، وإنما بتراكم الافكار وديناميتها والايمان بها للنهوض بالمجتمع الذي يرتقي بالتلاقح والتبادل الفكري، بما يلتقي مع البيئة التي تنشأ فيها تلك الأفكار، بعيداً عن القياس وفق مجتمعات أخرى . 

وتؤكد مدونات التاريخ أن التقدم يقوم على الحرية والرغبة والجرأة في طرح وتبني الأفكار، التي تشكل البذرة الأولى لأنماء ما يحمل العقل الانساني لهندسة وتهذيب سلوك وعمل الانسان، الذي شهد تضحيات ومكابدات جمّة نحو التغيير والتطور الذي يأتي من تفاعل الافكار التي أنتجها علماء وفلاسفة ومفكرون، بالتجريد والتجريب وعدم الركون والتعصب إزاء منتج الآخر، الذي يحمل ذات الاهداف في عملية التغيير التي كانت سبباً لما وصلت اليه الانسانية وسيرورة المجتمعات، التي تحمل في خزانها عبقريات شيّدت حضارات وقيم، إرتقت بالسلوك إزاء القضايا والاحداث التي تواجه البشرية مع كل إنتقال وتحول يكشف عن الرغبة نحو الارتقاء و تحسين جودة الحياة.

لذلك فأن التغيير الذي يجري في مجتمعنا يتوجب إستلهام القيم والمبادئ التي أنتجتها المتغيّرات التي حصلت في مجتمعات أخرى والافادة منها، واذا ما كانت ثمة هوية لمجتمع دون الآخر فأن إحترام ثقافة المجتمع لا تلغي قراءة ثقافات الآخرين دون القياس عليها، بخلق فضاءات للحوار والنقاش وتبادل الرأي، ثم توظيفها بما يخدم المجتمع والمتغيرات التي تجتاح مجتمعنا والعالم معاً.

تواصل ثقافي

إذ أن الاتصال والتواصل الثقافي، كان دافعاً لطرح أفكار وتساؤلات عميقة أسهمت ولو بنسبة محدودة في أرتفاع منسوب الوعي. فالأفكار التي تقدمها مختلف المؤسسات العلمية والاجتماعية، تتسم غالباً بالموضوعية في تشخيص الواقع بالملاحظة والمتابعة النظرية والميدانية للاجابة على أسئلة متواترة ومعاضل تحيق بالانسان والمجتمع الذي ينشد الاصلاح والتغيير الذي يبدأ من الانسان.

أن المتغيرات في الحقلين السياسي والاجتماعي وتمدد قوى اللاهوت السياسي المذهبي والديني وتوسلها بالنظام الديمقراطي الجديد، أفضى الى تحجيم القوى المدنية والعلمانية، بفضل رسوخ بنى القوى التقليدية التي يتكرر فرض حضورها في المجتمع وتطويقها للعقول، لئلا يفلت الفرد والمجتمع من خطابها، ليبقى يعيش حالات من الانكفاء (والوعي الزائف) بفعل السياسة التي تتماهى مع تلك القوى، لتحقيق المصالح والاهواء الذاتية بالهيمنة على جمهور يكابد تحديات الواقع وتراجع حاجاته الاساسية. إضافة الى الاشكاليات الفكرية ويقينيات الموروث الاجتماعي التي تتغلب على الاتصال مع ينابيع منظومة الافكار الحداثوية. غير أن تنفس فضاء الحرية التي تُعد عنواناً لكل الثورات والحركات الاجتماعية، أيقظت الوعي ومنحت الجمهور لاسيما الشباب فرصة سانحة للجهر بالنقد حول قضايا تتعلق بالدولة وبنية النظام السياسي والاجتماعي، وأخرى مسكوت عنها متعالية عن النقد، وتجلى ذلك في بواكير الوعي المتجسد في حراك تشرين وغدت أيضاً تحت الضوء لمحتوى وسائل الاعلام والتواصل الاعلامي والاجتماعي والمنتديات الثقافية التي قدمت للجيل الجديد  قدر من الاطلاع على تجارب المجتمعات المتحضرة لإطلاق سراحه نحو فضاءات ثقافية من شأنها أن تضئ عقول أستمرأت الركود والكسل، للخلاص من الانغلاق في بيئة تتسم بالنزاعات والصراعات المذهبية المتجذرة تاريخياً. وما برحت قائمة تتطلب أعواماً وربما عقوداً من الكفاح والتغذية الفكرية للتحرر وتعزيز التجربة الفتية للنظام الجديد والتحولات الاجتماعية لإشاعة وتبنّى قيم المجتمع المدني في التسامح والحقوق والمواطنة والحرية والتعليم والعلم والانجاز لبناء المستقبل.

تعليقات

التنقل السريع