القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

عدنان سمير دهيرب/ نقلاً عن جريدة الزمان الدولية




تنفق الانظمة الدكتاتورية أموالاً طائلة على أجهزتها القمعية لسحق المعارضين و تكميم الأفواه , و إرتكاب الجرائم و تنفيذ الاعتقالات و إشاعة الخوف بأسم الأمن و الاستقرار. في ما تقوم الدول العظمى بمراقبة الدول الأخرى من خلال تقنية الاتصالات و زرع الجواسيس في تلك الدول لمعرفة ما تفكر به شعوبها , لاسيما المناهضة لها أو عدم خضوعها لسياستها . بالاسهام في إرباك الاوضاع السياسية و الاقتصادية و تكريس الانقسامات و صناعة المشكلات و نشر الشائعات السوداء و إفتعال الحروب الطفيلية  و الصراعات المذهبية و الدينية , كي يستمر الاضطراب بهدف تحقيق غاياتها الايديولوجيه و فرض هيمنتها مع تواطؤ جهات حزبية في ذلك البلد تجد في عدم الاستقرار مغذيات لحضورها و إستمراراً لوجودها مع بيئة ملوثة بالفساد و إلهاء الجمهور بمعضلات جانبية بعيداً عن حقوحه المهدورة . و يتجلى ذلك بما يطرح في وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت كاشفة لما يفكر به مستخدمو  تلك الوسائل و ما يتنشر من ترندات لا علاقة لها بتلك الحقوق . و أصبح جُل محتوى تلك الوسائل نشر صغائر الامور و القضايا الهامشية التي لا ترتقي بجودة الحياة و معالجة ما تعاني منه الجماعات و الافراد . وغدت مرآة عاكسة لثقافة المجتمع و كيف يفكر و يعبر الجمهور عن آرائه.

تفاصيل الحركة

و يرى زيجمونت باومان أننا نحرص اليوم على أن نعرض بأنفسنا وعلى نفقتنا الخاصة جميع تفاصيل حركاتنا و أفعالنا التي قمنا بها او ننوي القيام بها , و هي معلومات تضاف على الفور الى محتويات خوادم الانترنيت الواسعة بلا نهاية وكون هذه المعلومات مخزنة ومسجلة للأبد و يمكن أستخدامها في أي وقت ضد مصالحنا هو الان سر عام . وبذلك فأننا نقدم خدمات مجانية للأجهزة الرقابية و المجتمع عن خصوصياتنا يمكن إستخدامها في أوقات و ظروف أخرى تجدها تلك الجهات أدوات لكبح التطلعات و قمع الحريات . ولم تعد الأساليب القديمة في المراقبة والتجسس ضرورة وحاجة لمعرفة الجزء المضمر لما تفكر به الشعوب بفضل حرية التعبير في تلك الوسائل و النشر المباح لكثير من القضايا الشخصية و التفكير العميق أحياناً والسطحي غالباً لما يتناوله كثيرون من مستخدمي تلك الوسائل . بنشر فعاليات شخصية او تحويل كل الأشياء الى إستعراض في سوق العرض المجاني لجذب الانتباه والاهتمام لشراء إعتراف الاخرين في عملية تشاركية تخرق الخصوصية الفردية و الاسرية . حتى غدت منابر سلبية أكثر منها إيجابية .و ما نشر خلال الأيام الماضية من سلوكيات فاضحة شغلت الرأي العام – عميد كلية الحاسوب .

و شبكة إبتزاز في وزارتي الداخلية و الدفاع (مثالاً) – لم تكن قضايا شخصية يُمكن تجاهلها و إنما إشارة لخلل أصاب بنية الدولة , و هي نتيجة طبيعية لنظام المحاصصة القائم على الولاءات الحزبية و سوء الاختيار لقيادة المؤسسات التي تمثل سمعة النظام السياسي و الدولة داخلياً و خارجياً , ما يفقد المواطن الثقة بتلك الجهات التي تعد ضامنة و حامية للشعب .

إن تراجع الضبط الرسمي و الاجتماعي يفضي الى تسلل الفوضى و إندحار القيم و ضمور الأخلاق التي تُعد رأسمال الانسان و المجتمع في عملية البناء و الارتقاء . وسط عالم يسوده اللايقين في إهدار الموارد , تراجع التضامن الاجتماعي , إرتفاع منسوب السخط و الاختلالات القيمية , التقلب بالأفكار و الميوعة في السلوك منذ القرية العالمية لماكلوهان التي تفاقمت و ترسخت بفعل وسائل الاعلام و التواصل الاجتماعي و الاعلامي بوصفها أحدى السلطات الناعمة المؤثرة في تفكير و سلوك المتلقي و تغيير إتجاهات الجمهور .

تعليقات

التنقل السريع