عدنان سمير دهيرب/ نقلاً عن جريدة الزمان الدولية
الثابت ان الانسان يخضع لقوانين و أعراف تؤكد هيمنة الثقافة الاجتماعية و التوافق المقترن بدافع المصالح و الحاجات مع إستمرار الحوادث و التحديات و المحطات التي تشكل شخصية الفرد لإشباع تلك الحاجات . تبدأ من الوالدين اللذين يحدد دورهما بايولوجياً و إجتماعياً , إذ تمثل الأم صوت المحبة و بيدر الحنان و واحة الصدق و الطيبة وسط مفازة الزيف و القسوة … و الأب الذي يُعد غطاءاً يحمي الأبناء من تلوث البيئة الاجتماعية و المرحلة الأصعب في عملية الضبط و معالجة المعاضل التي تتفاقم كلما أشتبك مع دينامية الزمن .مما يولد تباين النظرة الى الحضن او المكان الاول الذي يسامح في التعامل عند وقوع الأخطاء , في ما يلزم المحيط الخضوع و الارتباط الطوعي مع تلك الهيمنة و ما يفرض من قيود و عقوبات عند الانحراف او عدم الانسجام مع الأنماط السلوكية الموروثة من الأسلاف و السائدة في المجتمع . لأن حب الأم مطلق لأسباب فيزيولوجية , و الاب مسؤول وفق شروط البيئة غير أنه لا يقل حباً . و الاب وفق أريك فروم لا يمثل العالم الطبيعي . فأنه يمثل القطب الآخر للوجود الانساني : عالم الفكر , و الأشياء التي صنعتها الايدي البشرية , القانون و النظام , الانضباط و الرحلات و المفاجآت , الأب هو من يعلم الطفل كيف يتعرف الى طريق العالم . إن النظرة الى هذه المعادلة تفرض أحياناً ثنائية العلاقة القائمة على المشاعر و التفكير , القسوة و الحب , اللأمبالاة و النجاح , و الكسل و العمل لتحقيق الذات .
بكلمات أخرى أن التربية أصبحت مسؤولية جسيمة , أخذت تؤرق الوالدين للحفاظ على الأبناء و الخوف من الأمراض التي تظهر على الواقع الثقافي بفضل التطور التكنولوجي المذهل لوسائل الاتصال و التغييرات الاجتماعية الخطرة التي تداهم الأسرة . لاسيما الأبناء بعد سن العاشرة صعوداً , و تشكل في الوقت الحاضر النسبة الأكبر من سكان العراق – دون 15 سنة بلغت النسبة 41 بالمئة , و أعلى 57 بالمئة – و ذلك القلق المقترن بالحب يأتي أيضاً بسبب تأثير القوى الخارجية أثناء مراحل النمو التي تسهم في صناعة الشخصية كالاصدقاء , الزملاء , المدرسة , الدعايات الاستهلاكية , وسائل الترفية و الانشغال حد الادمان بوسائل التواصل الاجتماعي والقتوات الاعلامية التي أخذت تتنافس في نشر أخبار الجريمة بهدف الإثارة دون تفكيك أسبابها وسبل معالجتها . و مواجهة متطلبات الحياة اليومية و اليعي للرفاه المادي و تحقيق الفعاليات التي تنسجم مع الرغبات و الاحتياجات الشخصية و الدوافع الانانية في سباق السوق نحو المال . لاسيما و أن عوائل كثيرة لم تعد تهتم بالتربية بقدر إهتمامها بالحصول على المال لتأمين الحاجات الاساسية . في ما أصبحت الدارس التي تشكل الوجه الآخر للأسرة أماكن لتعليم القراءة و الكتابة فقط , و تراجعت فيها التربية و إشاعة القيم الانسانية النبيلة و المفاهيم الوطنية بوصفها أحد عناصر التنشئة بجانب التعليم . فالمعلم بمختلف المراحل الدراسية يجب ان لا يؤدي دوراً أحادياً متمثلاً بالتعليم فقط و إنما تقديم وسائل في المعرفة و الأخلاق التي يتوجب أن ينشأ عليها التلميذ و الطالب .
الحصانة ضعف
إن تلك المؤثرات التي تتوائم مع أهواء المراهقين و الشباب الباحث عن الاستقلالية مع ضعف الحصانة , أدت الى إصطياد تلك الفئات العمرية في شباك الرذيلة و الانحراف و الإدمان على المخدرات التي داهمت نسبة 50 بالمئة من الشباب , و غدت أرضاً خصبة للضياع و الانتحار الذي أخذت أخباره تقفز بين الحين و الاخر .
تلك التحديات و مظاهر القلق و المتغيرات المتوالية فرضت واقعاً جديداً يتطلب جهوداً إضافية من الأسرة و الجهات المختصة لمعالجة الاسباب لاسيما الاقتصادية منها و إشاعة قيم الفضيلة من المنابر المؤثرة في الرأي العام . و إحياء نبض الحياة القائمة على المحبة و التفاؤل و الوعي في تجاوز المخاطر لتحقيق أهداف و خيارات و أمكانيات الشباب الايجابية للارتقاء بالحياة و الإسهام بنهوض المجتمع.
تعليقات
إرسال تعليق