تُعد الدعاية السياسية للاحزاب والمرشحين في الانتخابات أحد أهم الوسائل للتأثير على الناخبين في النظم الديمقراطية بهدف الإستمالة والإقناع وتغيير الاتجاهات مع وجود تنافس كبير بين أكثر من 250 حزب وحركة سياسية , وستة الاف مرشح لانتخابات مجالس المحافظات المزمع إقامتها في شهر كانون الاول .
إذ تقوم الدعاية على نشر الصور وإقامة الولائم , دون ذكر حاجات السكان و سبل معالجتها . فالمرشح يتكئ على مسندين : الاول هو زعيم الحزب الذي ترفع صورته الى جانب صورة المرشح كدعاية رمزية , وأشارة للانتماء والترويج في وسائل التواصل الاجتماعي وأعمدة الكهرباء والساحات العامة وتقاطعات الشوارع , باستخدام وسيلة التكرار لسهولتها في الدعاية , وتسهم في حفظها في الذاكرة , غير أن كثرة الصورة للمرشحين يفقدها ميزة الجاذبية والحفظ ونشر الصور مجرد أشارة اوالية ليست مؤثرة لاقناع جمهور يبحث عن معالجة للمشكلات التي يعاني منها .
اتصال جماهيري
فالدعاية لا تهدف الى الاقناع الذي يتوجب إقامته على الاتصال باتجاهين من خلال الحوار والاتصال الوجاهي فحسب , وإنما الى تغيير الاتجاهات . لأن وسائل الاتصال الجماهيري لا تتيح الفرصة لجميع المرشحين من ناحية , ولا تسنح لأغلب الناخبين إمكانية التعرض والاستماع لما يسعى اليه المرشح من ناحيه أخرى . ويرى المفكر غي دورندان أن الدعاية تهدف الى توليد التصرفات . وذلك بتغيير الادراكات والأحكام التقييمية .
والمسند الثاني الذي يتكئ عليه المرشح هو الروابط القرابية والانتماءات العشائرية التي تشكل رأسماله الأبرز في الدعاية وهي الغالبة في المجتمع العراقي , لاسيما أن معظم المرشحين من بيئة ريفية تقوم على العصبية والتجمعات في المضايف وإقامة الولائم لأفراد العشيرة او القرية والمنطقة .
أن هذه الوسيلة الدعائية تخلق ناخباً مطواعاً فاقداً لحرية القرار والفردية التي تعزز الشخصية ما يفضي الى الذوبان في قرارات الجماعة التي تبنى على العواطف والعلاقات القرابية والتساند في دعم المرشح للحصول على السلطة . وهذا الأمر ينعكس على الواقع الذي يعاني من معاضل و تحديات لا يسعى الفائز الى معالجتها , لأن الناخب لم يفكر بمساءلته , لغياب برنامجه عند الترشح في الانتخابات التي غدت آلية شكلية لم تسهم في عملية التغيير والاصلاح .
وإنما تبديل الوجوه و الأسماء وفق نظام إنتخابي يقوم على حفظ سلطة الاحزاب التي صاغت قوانين اللعبة الانتخابية وتماهت مع خزانها البشري في الريف . إضافة الى دينامية سطوة زعماء الأحزاب على الفائزين في كل إنتخابات حصلت بعد تغيير النظام السياسي . ما أدى الى عزوف الجمهور المديني الذي يشكل نسبة 70بالمئة في العراق , وإرتفاع نسبة الوعي لديه وشعورهم باللاجدوى من المشاركة ، لعدم إهتمام الأحزاب المتنفذة بإشباع حاجات الناس .
وبذلك فقدت أهم مبادئ الديمقراطية التي تتمثل بالحكم بالرضا وحكم الأكثرية وفق جون لوك . فضلاُ عن إتهام مجالس المحافظات خلال الدورات السابقة بالفساد و المحسوبية ، وكان أحد مطالب حراك تشرين بازاحتها من المشهد السياسي . لذلك فأن الانتخابات أصبحت مجرد آلية سطحية وسباق للحصول على رواتب مليونيه و صناعة أدوات لخدمة زعماء الاحزاب في نظام ديمقراطي معلب .
تعليقات
إرسال تعليق