القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

" حوار المنامة" .. إعتراف متأخر وسعي غربي لكسر حياد الخليج!

كتب/ جواد ابو رغيف




عقد يوم الجمعة الماضي في البحرين مؤتمر منصة "حوار المنامة"، الذي يعد منتدى فريداً من نوعه للوزراء الحكوميين وصانعي السياسات واعضاء مجتمع الخبراء ومشكلي الآراء والاعمال، وقد شارك في المؤتمر (400) مشارك بينهم وزراء ومسؤولون امنيون وقادة عسكريون واكاديميون. وقد تناول المؤتمر الذي ينظمه " المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" هذا العام في جدول اعماله عنوان مهم يستحق تسليط الضوء عليه " القواعد والمنافسة في الشرق الاوسط"، وما يلفت ان المؤتمر حظي باهتمام وسائل الاعلام الدولية والاقليمية، فيما غاب عن الاعلام العراقي، ويبدو انه لم يحظى كذلك باهتمام المؤسسات الوزارية الحكومية العراقية ذات الاختصاص وفي مقدمتها الوزارات السيادية المعنية، بما طرح في المؤتمر امنياً واقتصادياً وسياسياً، ما يؤشر وجود ارادة لتغييب دور العراق فيما يجري على الساحة الدولية والاقليمية، رغم ادراك وتأكيد الجميع على اهمية العراق وسط ذلك التزاحم والتدافع في منطقة الشرق الاوسط.    

اعتراف اوربي متأخر !

لقد كانت بداية  المؤتمر  ساخنة، حينما اعتلت المنصة رئيسة المفوضية الاوربية (أرسولا فون دير لاين)، لتعلن صراحة وتبوح بـ  (اعتراف متأخر) عن ان الاوربيين اخذوا وقتاً طويلاً كي يدركوا ان التهديد الايراني للمنطقة لا يأتي فقط من السلاح النووي، بل ايضاً من الصواريخ "الباليستية" والمسيرات "الدرون" !، كان الاعتراف مفاجئة وصدمة كبيرة للحاضرين بمن فيهم كبار القادة العسكريين والمسؤولين في العالم والاقليم، كونه جاء على لسان ارفع مسؤولة اوربية، ويقيناَ انه ليس ترفاً فكرياً، وان هذا الاعتراف دليل على وجود متغير وصلت اليه الدول الغربية  ازاء الجمهورية الاسلامية الايرانية، وظاهر هذا المتغير الاوربي ازاء ايران يرتكز على عدة عوامل بحسبهم اهمها: 

1ـ قناعة الأوربيين بأنهم قدموا عرضاً عادلاً وجيداً لأيران في مفاوضات فيينا النووية، لكن طهران لم ترد بعد، كما انها لم تتراجع عن الخطوات التي اتخذتها نووياً، وأن ايران قلصت وقت حصولها على القنبلة النووية من اشهر الى اسابيع.

2ـ استمرار ايران بتخصيب اليورانيوم.

3ـ  الطائرات المسيرة الايرانية التي استخدمتها روسيا في حربها ضد اوكرانيا، وامكانية وصول الصواريخ الايرانية الباليستية الى روسيا، وقد يصحو الغرب على الصواريخ الايرانية وهي تدك كييف العاصمة الاوكرانية، عندها ماذا يفعل الغرب؟!،( فالغرب يشعرون انهم اسياد العالم، وينظرون بدونية الى دول الشرق المتوسط!).

4ـ الاحتجاجات الجماهيرية التي اعقبت مقتل (مهسا اميني)، والتي خلفت تصدعات وسط المجتمع الايراني.

وقد كان واضحاً حديث وزير الخارجية البريطاني "جيمس كليفرلي" عن خيط العلاقة الروسية ـ الايرانية، أذ ذكر (ان سياسة موسكو وطهران تهديد للمنطقة والعالم ).

الغزل الغربي للخليج !

بدا لافتاً الغزل الغربي نحو دول مجلس التعاون الخليجي، فضلاً عن زيارة المسؤولين الاوربيين وبياناتهم العلنية، اعترافاً بالمعادلة الجديدة على خلفية تنامي الدور الخليجي  لعدة اسباب تقف في مقدمتها بحسب مسؤولين غربيين: 

1ـ أثر الطاقة واهمية الغاز والنفط والممرات البحرية في الخليج. 

1ـ السلوك الايراني في منطقة الخليج العربي.

3ـ رغبة غربية في اخراج دول الخليج من حالة الحياد تجاه الحرب الروسية ـ الاوكرانية.

الحياد الخليجي!

برز جلياً الحذر الخليجي من البيانات والمواقف الغربية ازاء ايران، وازاء سعادة بعض المشاركين الاقليميين من البوح الاوربي المتأخر خلال حوار المنامة، ولم يكن هناك تفاعل خليجي يناسب الاندفاعة الغربية السريعة  للشراكة مع دول الخليج ، وقد أشر تأني خليجي حكيم امتداداً لمواقف خليجية سابقة، بل كان هناك هجوم دبلوماسي من الامين العام لمجلس التعاون الخليجي " نايف الحجرف"، على خلفية حديث رئيسة المفوضية الاوربية، بعد ان انتقدت بطئ مجلس التعاون الخليجي في توقيع اتفاق مشترك جماعي مع الاتحاد الاوربي، وحذرت من احتمال اللجوء الى عقد اتفاقات ثنائية اذا لم تثمر مفاوضات العقود الطويلة عن اتفاق الكتلتين، وظلت مواقف دول مجلس التعاون الخليجي على ذات المسار البطيء، في محاولة غربية صلفة لشق وحدة الصف الخليجي، المتبني موقف الحياد ازاء الحرب الروسية ـ الغربية، وجاء رد الحجرف مماثل لانتقاد رئيسة المفوضية الاوربية، وبعد مفاوضات ثنائية صرح الامين العام لمجلس التعاون الخليجي ( نحن جاهزون عندما تكونوا انتم جاهزين)، في اشارة الى الحاجة ضمانات غربية لدول مجلس التعاون الخليجي، كي تغير من مواقفها الحيادية ازاء الحرب الروسية ـ الغربية.

مركزية الخليج!

لاشك ان وحدة الصف الخليجي، وتجاوزه بعض التصدعات الداخلية ، سيما الخلاف القطري ـ السعودي، يؤشر وعي سياسي مواكب للأحداث والتطورات السياسية على المسرح العالمي، يؤمن بأهمية الشراكة على مستوى القومية والجغرافية، فقد كان استضافة الرياض " قمة مجلس التعاون الخليجي" والقمة الخليجية مع الرئيس بايدن، وكذلك القمة المماثلة مع الرئيس الصيني الشهر المقبل، ماهي الا دليل مضاف الى تنامي الاهتمام الغربي والصيني بالمنطقة.

ما هو مطلوب عراقياً؟

لعل من ايجابيات السياسة الخارجية للعراق في المرحلة السابقة ابتعاده عن سياسة المحاور والتزامه مبدا الحياد ازاء الصراعات اقليمياً ودولياً، لكن ما يأشر عدم استثمار مبدا الحياد لصالح العراق، بسبب ضعف السياسة الخارجية طيلة المدة التي اعقبت العام 2003، ما يتطلب مراجعة حقيقية لسياسة العراق الخارجية، والاجابة عن الاسئلة الافتراضية الآتية :

1ـ ما مدى توافق ادعاء العراق عدم جعل اراضيه منطلقاً للاعتداء على دول الجوار؟ 

2ـ متى يستثمر العراق حجم التبادلات التجارية الكبيرة مع جيرانه عصا لحماية مصالح العراق؟

3ـ هل هناك برنامج واضح قدمته وزارة الخارجية مأطر بسقف زمني يعيد العراق الى وضعه الطبيعي كدولة محورية في المنطقة؟.

تعليقات

التنقل السريع