عدنان سمير دهيرب/ نقلاً عن جريدة الزمان الدولية
تعددت مفاهيم الدولة وحظيت بأهتمام الفلاسفة و المفكرين و المراكز البحثية ، منذ بزوغ الدولة الحديثة في أوروبا قبل ثلاثة قرون ، إثر عوامل مباشرة وأخرى غير مباشرة تمثلت بالحروب و الصراعات و الثورات و التحولات الاجتماعية و الاقتصادية من الاقطاع الى البرجوازية و التطور الصناعي وقبلها الكتابات و الافكار التي أنتجت صياغات ومفاهيم تلتقي مع تغيير الواقع . إذ أن أهمية الدولة تكمن في عملية تنظيم و حماية المجتمع و الاقليم من خلال خصائصها التي حددها عدد من المختصين بالحكومة و الشعب والارض و السيادة .
والدولة وفق تعريف د.سعد الدين ابراهيم كيان سياسي قانوني ذو سلطة سيادية معترف بها في رقعة جغرافية محددة ، على مجموعة بشرية معينة .
فيما يرى عالم الاجتماعي ماكس فيبر أن الدولة جهاز يحتكر العنف ضمن منطقة جغرافية محددة بوجود هيئة عقلانية لدى الدولة لادارة مؤسساتها .
و بسبب المتغيرات السياسية و الاقتصادية و الرغبة بالهيمنة و الحروب التي شهدتها العقود الماضية و كانت سبباً بالتدخل في شؤون الدول ، إضافة الى الانقلابات العسكرية و تحول الانظمة السياسية ظهرت مصطلحات أخرى للدولة المركزية ، الدولة الوطنية ، الدولة الامة ، شبة الدولة ، الدولة المنهارة ، الدولة الرخوة و الدولة الفاشلة أو الهشة التي ظهرت كمصطلح في منتصف تسعينات القرن الماضي . غير أن أول تقرير حدد مؤشرات الدولة الفاشلة أعد من قبل صندوق دعم السلام و مجلة السياسة الخارجية الامريكية في عام 2005. و صاغ أثني عشر مؤشراً يحدد الدولة الفاشلة أستناداً الى كميات هائلة من البيانات و المعلومات التي تحصل عليها من وسائل الاعلام المحلية و العالمية و المقابلات و المسح و الوثائق التي تنشرها الحكومات وغيرها حول الدول لقياس مستوى الفشل و التطورات التي تحصل سنوياً لاسيما في الجانب الامني و إنعكاسه على الامن و السلام العالمي .
و تمثل تلك المؤشرات التي كانت العراق يقع ضمن الدول الاكثر فشلاً أو هشاشة طيلة السنوات المنصرمة منذ عام 2005 مع حصول تغيير في الدرجة أو ثباتها بين سنة و أخرى ، في الجوانب السياسية و الاجتماعية والاقتصادية و الامنية (( توازن التنمية ، شرعية الدولة ، الخدمات التي تقدمها للمواطنين ، حقوق الانسان ,سيادة القانون ، بناء الاجهزة الامنية ، نوعية النخب السياسية و حجم التدخلات الخارجية)) و يرى المفكر الامريكي نعوم تشومسكي أن الدول الفاشلة هي الدول غير القادرة او غير الراغبة في حماية مواطنيها من العنف وربما من الدمار نفسه ، و هي التي تعد نفسها فوق القانون محلياً كان أو دولياً.
دول ناشئة
و يرى أخرون أن الدول الفاشلة تقوم حول ثلاثة أبعاد هي :
1- الفشل البسيط أي عدم قدرة الدولة القومية على حماية مواطنيها من العنف .
2- عدم توفير الخدمات الاساسية لكل المواطنين .
3- عدم الحفاظ على شرعيتها من طرف مواطنيها و من طرف المجتمع الدولي .
تلك المؤشرات و الابعاد تجلت في الواقع العراقي خلال الاعوام المنصرمة ومازالت قائمة ,بل أن مصطلحاً جديداً حول الدولة العراقية أطلقة وزير المالية علي علاوي في رسالة إستقالته هو دولة (الزومبي) و هو الموتى الاحياء أو الجثة المتحركة التي أثارتها وسائل سحرية من الساحرات أو حدث خطأ بالعقل و غالباً ما يطبق هذا المصطلح غير الحقيقي لوصوف شخص منوم مجرد من الوعي الذاتي (موسوعة ويكبيديا) وقد أكدت الصدامات المسلحة التي حصلت في (المنطقة الحمراء) ليلة 30-31 من شهر آب غلبة السلاح (غير) المنفلت في البيئة الهشة التي تعيشها الدولة و المجتمع العراقي و التي راح ضحيتها 45 شخصاَ و 710 جريح خلال 18 ساعة من القتال بين فصائل القوى السياسية الشيعية التي تسعى للاستئثار بالسلطة و إستمراء لعبة المحاصصة و الايغال في الفساد و الاستمرار بصناعة الازمات لتفكيك مجتمع يبحث عن فرصة سانحة لتحسين جودة الحياة المكتنزة بالانقسامات و الاضطربات ، و ليس أحزاب وجدت في ديمقراطية البنادق بديلاً عن نتائج صناديق الاقتراع بل وسيلة للامتلاك و الهيمنة على المجتمع و الدولة و وطن هدرت ثرواته و أغتصبت سيادته .
تعليقات
إرسال تعليق