القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

مستوى حرية التعبير في برامج الحوار

عدنان سمير دهيرب/ نقلا عن جريدة (الزمان) الدولية



كان المتغير الاكثر تماهياً مع تحول النظام السياسي الذي شهدة العراق هو التغيير في بنية الصحافة والاعلام، التي تشكل الوجه الآخر للنظام الديمقراطي .

وقد أهتمت القنوات الفضائية التي تعددت إتجاهاتها وخطاباتها بالخرائط البرامجية التي تخاطب فئات الجمهور المختلفة ، بهدف الاقناع والتأثير في اتجاهاتها وكسبها بما ينسجم وخطاب تلك المحطة أو المؤسسة الاعلامية، من خلال الاتصال السياسي الذي يرى مختصون بأنه عملية تفاعلية يتم من خلالها تدفق الرسائل والمعلومات بين السياسيين ووسائل الاتصال والجمهور ، بهدف التأثير في السلوك ، مثل الرأي العام والتنشئة الاجتماعية للأفراد ، وعملية التعبئة ، واتخاذ القرار السياسي .

محور الاتصال

وتشكل الرسالة محور الاتصال السياسي، وثمة رسائل تحملها تلك الوسائل الاعلامية وأخرى يقدمها الساسة، وأخرى يرسلها النظام السياسي ، وتعمد الوسيلة او العاملين في الاعلام الى تحويلها الى برامج للحوار، تكيفها الوسيلة مع خطابها لتسويقها الى الجمهور لاشباع حاجاته من المعلومات والمعرفة  في بيئة تشكل الازمات أحد علاماتها، والخلافات أحد سماتها، وتلوث المعلومات منهجا لبعض القنوات التي تسعى لتفتيت الجمهور ، وقد اتخذت من برامج الحوار أو الكلام منفذا للتسويق الايديولوجي والسياسي الذي يتسم أحياناً بالطائفية والعرقية والدينية والمناطقية . وجُلها يعتمد على المعلومات السطحية بل الثرثرة والتمسك بالرأي وعدم إستيعاب الرأي الآخر بعيدة عن الحوار الهادف .

يتغاضون فيها عن وقع الكلمة على العقول والاتجاهات . . الكلمة التي كانت ولما تزل الرمز الباذخ لحضارات وابداع الشعوب ، وجوهر الكتب المقدسة لتهذيب الانسان ، والنظريات العلمية لرقي المجتمعات ورسالة الاعلام للأنماء المعرفي.

لذلك فأن كلام كثير يثير الغثيان في أحايين عديدة يجري في تلك البرامج ، بعيدا عن الشعور بالمسؤولية الوطنية والاخلاقية ، يؤدي الى أرباك المواطن الباحث عن ذاته أصلاً في ظل اوضاع اختلطت فيها الاوراق والافكار ضمن إطار المسموحات والممنوعات التي صنعتها الأحزاب القابضة على السلطة ، وأضحت تلك البرامج أوقات ومساحات ومادة إعلامية ليست لتفريغ الاحتقان المتراكم مع غياب الحاجات الإنسانية و إنما ساحه لتعميق الصراع  وتوسيع الفجوة بين أبناء المجتمع الذي تربطه مشتركات عديدة .

إذ أن برامج الكلام السياسية في الغالب تأتي ضمن سياق تصنعه الوسيلة الاعلامية ومؤسسها وممولها لنقد سلبيات عمل المؤسسات الحكومية وتحليل الواقع السياسي ضمن أطر محددة لا يمكن تجاوزها، واشعار المواطن بالحرص عليه والتناغم مع رغباته المتنوعة، ولكن ليست بالضرورة تطبيقها وتلبيتها ، في حين يطبق الساسة ، شعار ( دعهم يقولون ما يشاؤون ونحن نفعل ما نشاء) مما كرس مشاعر الاحباط والقنوط إزاء الاصلاح والتغيير بالعملية السياسية المكتنزة بالمعضلات والتحديات . وغدا الكثير منها يفقد مسؤوليته الوطنية والثقافية والاخلاقية كوسيلة تحمل رسائل التأثير والتغيير والبناء للمجتمع والدولة وصناعة وانتاج الوعي لدى المتلقي.

ومعظم البرامج تعتمد الاتجاهات الفكرية المختلفة لدى الاشخاص – المؤيد والمعارض – إذ ترى أن هذا الشكل من الحوار يؤثر في الاشخاص ذوي التعليم العالي ، ويتصدى للآراء والدعايات المضادة لحماية المتلقي وتحصينه لاسيما وأن قنوات كثيرة في الخارج تحمل خطابات وأجندات مضادة، غرق سماء البلد بتردداتها .

غير أن برامج عديدة في قنوات مختلفة تلتقي ذات الاشخاص مع منحهم القاباً فخمة ، كالخبير الاستراتيجي والمفكر والمستشار مع منحه شهادة دكتوراه – مؤقته – ورئاسة مركز بحوث، وكل الصفات التي تسعى من خلالها القناة للتأثير واقناع المتلقي ، الذي أضحى لديه تصوراً عما يفكر به ذلك (المفكر) وما سيقوله (الخبير) سلفاً ، من فرط اللقاءات المستمرة معه، وولائه المعروف لجهة داخلية ذات امتدادات إقليمية، وآخر (يحلل)  وكأنه يتحدث مع صديقه في المقهى ومستشار يسأله مقدم البرنامج عن الاستعراض العسكري الذي شهدته العاصمة بغداد مثلا . غير أن جوابه كان حول خطر السلاح المنتشر لدى العشائر ؟ وغيرها من الاجابات التي تكشف عن رعب وخوف المهتمين بالشؤون السياسية والامنية والاجتماعية اذا ما تحدث عن أزمات جوهرية تقع بين الحين والاخر .

ازمات وصراعات

ويشير أيضاً الى غياب حرية الحصول عن المعلومة التي يعتمدها المواطن من الاعلام إبان الازمات والصراعات والنزاعات .

وبذلك فأن هذهِ البرامج التي تحظى بالأهمية والتأثير في القنوات التلفازية أخذت بالتراجع بعد ما كانت تحتل الاوقات الذهبية ضمن خريطة البرامج، وعدم تحقيق أهدافها في أزاحة الستار عن الحقيقة التي يبحث عنها الجمهور ، مما أفقد النظام الديمقراطي الذي يسعى البلد الى السير بتطبيقه أهم قيمه وهو حرية التعبير والرأي والاعلام وفق المادة 38 من الدستور ، التي تعد أهم أركان العملية الديمقراطية التي تحبو في العراق ، بسبب تغلب اللادولة على مؤسسات الدولة .


تعليقات

التنقل السريع