القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع
عدنان سمير دهيرب/ نقلا عن جريدة الزمان الدولية




مع بداية كل عام جديد ونهاية عام مضى , تأخذ الناس بأعلان امنياتها والبحث عن يوم اخر اكثر اشراقاً عسى ان يتفتح بين الاحلام والاوهام.

مضت عقود ونحن نحلم والادق نتوهم للهروب من واقع ملوث , وعمر ضاع بين الحروب والحصار والارهاب والصراع السياسي والاجتماعي وغياب العدالة الاجتماعية وفقدان الخدمات.

كل حين ونحن في أزمة تنتج أخرى , ونتمنى تحقيق الامن والاستقرار وسيادة القانون والخلاص من الدكتاتورية والاستبداد وهدر قيمة الانسان , الذي اضحى رقما يلاحقه الاغتيال النفسي والسياسي .

في بداية كل سنة نوقد شموع الامال والاحلام وتلك رغبة ينماز بها الانسان كي تستمر الحياة والقدرة على العيش فيها , ودونها ينعدم الأمل والوصول الى الافضل أو السعادة التي ينشدها المرء , تلك المفردة التي طالما سعى اليها الناس , ولكنها ظلت شبحاً أو سراباً.

ولكن لماذا تتحول أحلامنا الى أوهام , رغم تفاؤلنا بغد أفضل هل بسبب الطبقة الحاكمة ؟ أم بالشعب الذي أنتج حاكماً تقوم سياسته على التضليل والخداع ونشر الجهل والتخلف وغياب الوعي ليتحول بعد حين الى صنم , تضفي عليه هالات من القدسية , الالقاب الرمزية , الطاقات “الخارقة” والعقل “الجبار” والرغبة بالخضوع والخنوع لأوامره وعدم التحرش ومخالفة ما يرى وما يفكر ويقول ليتحول خلاف ذلك الى متمرد وخصم  يجب قمعه والقضاء عليه .

نعيش على الاوهام بعدما غابت الحاجات الانسانية التي حددها سلم ماسلو قبل عقود من الزمن والتي تتمثل بالحاجات المادية والفسيولوجية كالطعام والماء والسكن والزواج وغيرها والتي تراجعت كثيرا مع ارتفاع نسبة الفقر الى 32% أو 11 مليون و400 الف من عدد السكان البالغ عددهم 39 مليون نسمة , والعيش في الهوامش أو في العشوائيات التي بلغ عددها ثلاثة الاف عشوائية تتوالد سنوياً مع أزدياد عدد السكان وارتفاع نسبة الفقر , واصدار قرارات لا تنسجم مع تطلعات الشعب كتخفيض قيمة الدينار إزاء الدولار , وفرض ضرائب جديدة على رواتب الموظفين مما يسم بزيادة نسبة الفقر وتصدع الطبقة الوسطى .

والحاجة الى الامان المفقود مع تعدد الجهات المسلحة من داعش واخواتها التي اغتالت السلام وسرقت الأمن الفردي والمجتمعي , وأضحت أحدى مؤشرات هشاشة الدولة .

والحاجة الى الانتماء , إذ أن الانسان لا يمكن ان يعيش بمعزل عن الناس , الذين فككتهم ايديولوجيا الاحزاب على اسس طائفية ودينية وقومية .

والحاجة الى الاعتبار والتقدير من الآخرين , بالافكار الناضجة وحرية التعبير  عن الرأي الذي أضحى مهدداً بالقانون المزمع تشريعه – قانون جرائم المعلوماتية – أو من الجهات المختلف معها بالرأي والمعتقد .

والحاجة الى تحقيق الذات بتطوير مهاراته وامكانياته الذاتية وعدم اقصائه من قبل الاحزاب , وتشريع القانون القسري للأحالة على التقاعد الذي أزاح معظم الكفاءات والخبرات من مفاصل الدولة .

 فالحلم بالمستقبل لم يعد امنيات وتنبؤات غيبية , تسطرها العرافات والعرافين والمنجمات والمنجمين , في مواقع التواصل الاجتماعي و تتمسك بهم بعض القنوات الفضائية وأصبحوا جزءاً من برامجها مما يسهم بتسطيح العقول مستغلين حالات الخوف والقلق وعدم الاستقرار التي يعيشها الفرد  .

لقد اصبح الحلم يحظى بأهتمام الباحثين وتقسيمه الى ذاتية ووطنية , ودراسته وفق أسس علمية تقوم على استقراء الواقع واستشراف المستقبل بهدف تطبيقه . غير أن المشكلة تكمن في الفجوة بين الطبقة الحاكمة والجمهور الذي ظل بعيداً عن المشاركة في صنع القرارات لبناء المستقبل وعدم الافادة من الموارد الطبيعية والبشرية لتجسيد الحلم الذي أضحى وهماً لسد النقص وترميم الذات ومحاولة معالجة الواقع المضطرب .

تعليقات

التنقل السريع