عدنان سمير دهيرب / نقلا عن جريدة " الزمان" الغراء..
أعتقد ان حلم الاجيال التي ولدت في عقود الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات تراجع،غير أنه لم يندحر،لأسباب موضوعية وذاتية رافقت حياتهم الغارقة بالصراعات ،الحروب ،القمع ،الحصار وسياسة قائمة على تفتيت الشعب ،وغياب حاجات الانسان الاساسية بدءاً من الحاجات المادية وانتهاءاً بالذاتية . تلك الحاجات التي ظل المواطن العراقي يكابد لتحقيقها ،واصبح يجري في أحايين كثيرة خلف سراب ما برح قائماً .
ليس في سبيل سوى الحلم ،ظل يراوده حتى اتخذه ذريعة للهروب ،فقد تعددت المحطات والمواقف التي سار فيها الناس للوصول لواقع تجاوزته الشعوب من أجل الاستقرار والتقدم وتحقيق الذات ،فيما نزال نراوح ضمن دائرة الحاجات المادية المفقودة جراء سياسات تغلب عليها المنافع الحزبية والطائفية والقومية بعيدة عن الاهداف الوطنية .
غير أن الحلم وهو بداية التفكير والتطلع نحو الغد ،يُعد هو الخطوة الاولى لكل انسان ضمن مجتمع يسعى الى الارتقاء ،بادراك وتحليل التجارب التي ينطوي عليها الماضي المثقل بالمعاناة والصراعات التي افضت الى الركود .
تلك ثوابت لا يطالها المرء بغير سياسات رشيدة تعتمد الخطط والبرامج العلمية في ادارة الدولة او المجتمع ،بهدف رفع معدل مستوى الحياة ،معالجة السلوكيات الخاطئة ،المشاركة الجماهيرية في صياغة واتخاذ القرارات التي تتم بالتفاعل والمناقشة العلنية بين الجمهور والسلطة،من خلال الوسائل المتاحة لدى قطاعات واسعة من المجتمع ،لا سيما مع فضاء مزدحم بترددات الفضائيات مختلفة الاتجاهات والخطابات ،وكل منصات التواصل الاجتماعي ،التي غدت أداة اتصالية لا يمكن لحارس البوابة السيطرة عليها وكبح الآراء التي تحملها مثلما كان سابقاً .
إن الاحلام التي يحملها غالبية أفراد الشعب لا يمكن حصرها،بأيدولوجيات معينة تؤمن بها مجموعة من المنتمين لهذا الحزب أو تلك الفئة التي تبوأت السلطة ،وتحكمت بالقرارات . إذ أن واجب تلك النخب السياسية المتصلبة بأفكارها ازاء التغيير السريع ،التفاعل مع تطلعات الجمهور وتهيئة الخطط لتحويل الاحلام الى اقع يحقق العدالة الاجتماعية التي غدت هدف كل الشعوب.
ولأن الحلم يقترن بالشباب ،ولكنه لا يرتبط بهم فقط وانما بكل الفئات العمرية بدرجاتها متباينة ،فقد أخذ الحراك الشبابي المفعم بالأحلام الجامحة ينطلق لتغيير صورة الحياة وتحسين جودتها ،والافادة من المتغيرات السياسية وفضاءات حرية التعبير عن الرأي التي منحتها وسائل التواصل والانترنت . التي يستخدمها حالياً في العراق أكثر من عــــشرين مليون مواطن.
لذلك فأن هذا الجيل يختلف عن تلك الاجيال التي قزمت الدكتاتورية والاستبداد أحلامها ولكنها بغية تحقيق جزء من أحلامها أصبحت تشكل قوى اجتماعية كبيرة داعمة لتظاهرات مدينية تلتقي مع أفكار تلك الاجيال بشأن مستقبل وطنهم ،حتى أنهم رفعوا شعار (أريد وطن) اختصاراً لكل تلك الاحلام التي حددها بعض الباحثين (بالذاتية والاسرية والمحلية والقومية) لبناء المستقبل.
فقد نشرت منظمة أطباء بلا حدود الفرنسية ،أن العراق يشهد زيادة سكانية بمعدل مليون شخص سنوياً،وهي من بين المعدلات العالية في زيادة السكان في العالم .
واستناداً لإحصائيات ،فاكت بوك ،الدولية لوكالة المخابرات المركزية السي أي أي ،فأن 40 بالمئة من سكان العراق الان هم دون 14 عاماً .
أي أن نسبة الفئة العمرية للشباب التي ترافقها الاحلام تشكل الغالبية من السكان ،وهذه الاحلام التي انطلقت مع تحطيم قيود الحرية وبزوغ الوعي الوطني لا تلجم بالمخاتلة وسلوكيات قمعت حلم الاجيال السابقة ،اذن لابد من التفاعل ،الحوار ،المشاركة ،الاستجابة وتغيير السياقات السائدة إزاء كل الاجيال التي يتقدمها جيل يحلم بالغد الديمقراطي ،لترميم وطن تصدع من فرط الولاءات الفرعية والخارجية .
تعليقات
إرسال تعليق